الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          شجر

                                                          شجر : الشجرة : الواحدة تجمع على الشجر والشجرات والأشجار ، والمجتمع الكثير منه في منبته : شجراء . الشجر والشجر من النبات : ما قام على ساق ; وقيل : الشجر كل ما سما بنفسه ، دق أو جل ، قاوم الشتاء أو عجز عنه ، والواحدة من كل ذلك شجرة وشجرة ، وقالوا : شيرة فأبدلوا ، فإما أن يكون على لغة من قال : شجرة ، وإما أن تكون الكسرة لمجاورتها الياء ; قال :


                                                          تحسبه بين الأكام شيره



                                                          وقالوا في تصغيرها : شييرة وشييرة . قال : وقال مرة : قلبت الجيم ياء في شييرة ، كما قلبوا الياء جيما في قولهم أنا تميمج ، أي تميمي ، وكما روي عن ابن مسعود : على كل غنج ، يريد غني ; هكذا حكاه أبو حنيفة ، بتحريك الجيم ، والذي حكاه سيبويه أن ناسا من بني سعد يبدلون الجيم مكان الياء في الوقف خاصة لأن الياء خفيفة فأبدلوا من موضعها أبين الحروف قولهم : تميمج في تميمي ، فإذا وصلوا لم يبدلوا ; فأما ما أنشده سيبويه من قولهم :


                                                          خالي عويف وأبو علج     المطعمان اللحم بالعشج
                                                          وفي الغداة فلق البرنج



                                                          فإنه اضطر إلى القافية فأبدل الجيم من الياء في الوصل كما يبدلها منها في الوقف . قال ابن جني : أما قولهم في شجرة شيرة فينبغي أن تكون الياء فيها أصلا ولا تكون مبدلة من الجيم ; لأمرين : أحدهما ثبات الياء في تصغيرها في قولهم : شييرة ، ولو كانت بدلا من الجيم لكانوا خلقاء إذا حقروا الاسم أن يردوها إلى الجيم ليدلوا على الأصل ، والآخر أن شين شجرة مفتوحة ، وشين شيرة مكسورة ، والبدل لا تغير فيه الحركات إنما يوقع حرف موضع حرف . ولا يقال للنخلة : شجرة ; قال ابن سيده : هذا قول أبي حنيفة في كتابه الموسوم بالنبات . وأرض شجرة وشجيرة وشجراء : كثيرة الشجر . والشجراء : الشجر ، وقيل : اسم لجماعة الشجر ، وواحد الشجراء شجرة ، ولم يأت من الجمع على هذا المثال إلا أحرف يسيرة : شجرة وشجراء ، وقصبة وقصباء ، وطرفة وطرفاء ، وحلفة وحلفاء ; وكان الأصمعي يقول في واحد الحلفاء حلفة ، بكسر اللام مخالفة لأخواتها . وقال سيبويه : الشجراء واحد وجمع ، وكذلك القصباء والطرفاء والحلفاء . وفي حديث ابن الأكوع : حتى كنت في الشجراء أي بين الأشجار المتكاثفة . قال ابن الأثير : هو الشجرة كالقصباء للقصبة ، فهو اسم مفرد يراد به الجمع ، وقيل : هو جمع ، والأول أوجه . والمشجر : منبت الشجر . والمشجرة : أرض تنبت الشجر الكثير . والمشجر : موضع الأشجار . وأرض مشجرة : كثيرة الشجر ; عن أبي حنيفة : وهذا المكان أشجر من هذا أي أكثر شجرا ; قال : ولا أعرف له فعلا . وهذه الأرض أشجر من هذه أي أكثر شجرا . وواد أشجر وشجير [ ص: 25 ] ومشجر : كثير الشجر . الجوهري : واد شجير ، ولا يقال واد أشجر . وفي الحديث : ونأى بي الشجر أي بعد بي المرعى في الشجر . وأرض عشبة : كثيرة العشب ، وبقيلة وعاشبة وبقلة وثميرة إذا كان ثمرتها . وأرض مبقلة ومعشبة . التهذيب : الشجر أصناف ، فأما جل الشجر فعظامه التي تبقى على الشتاء ، وأما دق الشجر فصنفان : أحدهما يبقى له أرومة في الأرض في الشتاء وينبت في الربيع ، ومنه ما ينبت من الحبة كما تنبت البقول ، وفرق ما بين دق الشجر والبقل أن الشجر له أرومة تبقى على الشتاء ولا يبقى للبقل شيء ، وأهل الحجاز يقولون : هذه الشجر بغير هاء ، وهم يقولون هي البر ، وهي الشعير ، وهي التمر ، ويقولون : هي الذهب لأن القطعة منه ذهبة ; وبلغتهم نزل قوله تعالى : والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها فأنث . ابن السكيت : شاجر المال إذا رعى العشب والبقل فلم يبق منها شيئا ، فصار إلى الشجر يرعاه ; قال الراجز يصف إبلا :


                                                          تعرف في أوجهها البشائر     آسان كل آفق مشاجر



                                                          وكل ما سمك ورفع فقد شجر . وشجر الشجرة والنبات شجرا : رفع ما تدلى من أغصانها . التهذيب قال : وإذا نزلت أغصان شجر أو ثوب فرفعته وأجفيته قلت شجرته فهو مشجور ، قال العجاج :


                                                          رقع من جلاله المشجور



                                                          والمشجر من التصاوير : ما كان على صفة الشجر . وديباج مشجر : نقشه على هيئة الشجر . والشجرة التي بويع تحتها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قيل كانت سمرة . وفي الحديث : الصخرة والشجرة من الجنة ، قيل : أراد بالشجرة الكرمة ، وقيل : يحتمل أن يكون أراد بالشجرة شجرة بيعة الرضوان ; لأن أصحابها استوجبوا الجنة . واشتجر القوم : تخالفوا ، ورماح شواجر ومشتجرة ومتشاجرة : مختلفة متداخلة . وشجر بينهم الأمر يشجر شجرا تنازعوا فيه . وشجر بين القوم إذا اختلف الأمر بينهم . واشتجر القوم وتشاجروا أي تنازعوا . والمشاجرة : المنازعة . وفي التنزيل العزيز : فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم قال الزجاج : أي فيما وقع من الاختلاف في الخصومات حتى اشتجروا وتشاجروا أي تشابكوا مختلفين . وفي الحديث : إياكم وما شجر بين أصحابي ، أي ما وقع بينهم من اختلاف . وفي حديث أبي عمرو النخعي : وذكر فتنة يشتجرون فيها اشتجار أطباق الرأس ، أراد أنهم يشتبكون في الفتنة والحرب اشتباك أطباق الرأس ، وهي عظامه التي يدخل بعضها في بعض ; وقيل : أراد يختلفون كما تشتجر الأصابع إذا دخل بعضها في بعض . وكل ما تداخل فقد تشاجر واشتجر . ويقال : التقى فئتان فتشاجروا برماحهم أي تشابكوا . واشتجروا برماحهم وتشاجروا بالرماح : تطاعنوا . وشجر : طعن بالرمح . وشجره بالرمح : طعنه . وفي حديث الشراة : فشجرناهم بالرماح ، أي طعناهم بها حتى اشتبكت فيهم ، وكذلك كل شيء يألف بعضه بعضا ، فقد اشتبك واشتجر . وسمي الشجر شجرا لدخول بعض أغصانه في بعض ; ومن هذا قيل لمراكب النساء : مشاجر لتشابك عيدان الهودج بعضها في بعض ، وشجره شجرا : ربطه . وشجره عن الأمر يشجره شجرا : صرفه . والشجر : الصرف . يقال : ما شجرك عنه أي ما صرفك ; وقد شجرتني عنه الشواجر . أبو عبيد : كل شيء اجتمع ثم فرق بينه شيء فانفرق يقال له : شجر ; وقول أبي وجزة :


                                                          طاف الخيال بنا وهنا فأرقنا     من آل سعدى فبات النوم مشتجرا



                                                          معنى اشتجار النوم تجافيه عنه ، وكأنه من الشجير وهو الغريب ; ومنه شجر الشيء عن الشيء إذا نحاه ; وقال العجاج :


                                                          شجر الهداب عنه فجفا



                                                          أي جافاه عنه فتجافى ، وإذا تجافى قيل : اشتجر وانشجر . والشجر : مفرج الفم ، وقيل : مؤخره ، وقيل : هو الصامغ ، وقيل : هو ما انفتح من منطبق الفم ، وقيل : هو ملتقى اللهزمتين ، وقيل : هو ما بين اللحيين . وشجر الفرس : ما بين أعالي لحييه من معظمها ، والجمع أشجار وشجور . واشتجر الرجل : وضع يده تحت شجره على حنكه ; قال أبو ذؤيب :


                                                          نام الخلي وبت الليل مشتجرا     كأن عيني فيها الصاب مذبوح



                                                          مذبوح : مشقوق . أبو عمرو : الشجر ما بين اللحيين . غيره بات فلان مشتجرا إذا اعتمد بشجره على كفه . وفي حديث العباس قال : كنت آخذا بحكمة بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين وقد شجرتها بها أي ضربتها بلجامها أكفها حتى فتحت فاها ; وفي رواية : والعباس يشجرها أو يشتجرها بلجامها ; قال ابن الأثير : الشجر مفتح الفم ، وقيل : هو الذقن . وفي حديث سعد أن أمه قالت له : لا أطعم طعاما ولا أشرب شرابا ، أو تكفر بمحمد ! قال : فكانوا إذا أرادوا أن يطعموها أو يسقوها شجروا فاها أي أدخلوا في شجره عودا ففتحوه . وكل شيء عمدته بعماد فقد شجرته . وفي حديث عائشة رضي الله عنها في إحدى الروايات : قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم بين شجري ونحري ، قيل : هو التشبيك أي أنها ضمته إلى نحرها مشبكة أصابعها . وفي حديث بعض التابعين : تفقد في طهارتك كذا وكذا ، والشاكل والشجر أي مجتمع اللحيين تحت العنفقة . والشجار : عود يجعل في فم الجدي لئلا يرضع أمه . والشجر من الرحل : ما بين الكرين ، وهو الذي يلتهم ظهر البعير . والمشجر بكسر الميم : المشجب ، وفي المحكم : المشجر أعواد تربط كالمشجب يوضع عليها المتاع . وشجرت الشيء : طرحته على المشجر ، وهو المشجب . والمشجر والمشجر والشجار والشجار : عود الهودج ، واحدتها مشجرة وشجارة ، وقيل : هو مركب أصغر من الهودج مكشوف الرأس . التهذيب : والمشجر مركب من مراكب النساء ، ومنه قول لبيد :


                                                          وأرثد فارس الهيجا إذا ما     تقعرت المشاجر بالقيام



                                                          الليث : الشجار خشب الهودج ، فإذا غشي غشاءه صار هودجا . [ ص: 26 ] الجوهري : والمشاجر عيدان الهودج ، قال أبو عمرو : مراكب دون الهوادج مكشوفة الرأس ، قال : ويقال لها : الشجر أيضا ، الواحد شجار . وفي حديث حنين : ودريد بن الصمة يومئذ في شجار له هو مركب مكشوف دون الهودج ، ويقال له مشجر أيضا . والشجار : خشب البئر ; قال الراجز :


                                                          لتروين أو لتبيدن الشجر



                                                          والشجار : سمة من سمات الإبل . والشجار : الخشبة التي يضبب بها السرير من تحت ، يقال لها بالفارسية المترس . التهذيب : والشجار الخشبة التي توضع خلف الباب ، يقال لها بالفارسية المترس ، وبخط الأزهري مترس فتح الميم وتشديد التاء ; وأنشد الأصمعي :


                                                          لولا طفيل ضاعت الغرائر     وفاء والمعتق شيء بائر
                                                          غليم رطل وشيخ دامر     كأنما عظامنا المشاجر



                                                          والشجار : الهودج الصغير الذي يكفي واحدا حسب . والشجير : الغريب من الناس والإبل . ابن سيده : والشجير الغريب والصاحب ، والجمع شجراء . والشجير : قدح يكون مع القداح غريبا من غير شجرتها ; قال المتنخل :


                                                          وإذا الرياح تكمشت     بجوانب البيت القصير
                                                          ألفيتني هش اليدي     ن بمري قدحي أو شجيري



                                                          والقدح الشجير : هو المستعار الذي يتيمن بفوزه ، والشريج : قدحه الذي هو له ، يقال : هو شريج هذا وشرجه أي مثله . والشجير : الرديء ; عن كراع . والانشجار والاشتجار : التقدم والنجاء قال عويف الهذلي :


                                                          عمدا تعديناك وانشجرت بنا     طوال الهوادي مطبعات من الوقر



                                                          ويروى : واشتجرت . والاشتجار أن تتكئ على مرفقك ولا تضع جنبك على الفراش . والتشجير في النخل : أن توضع العذوق على الجريد إذا كثر حمل النخلة وعظمت الكبائس فخيف على الجمارة أو على العرجون . والشجير : السيف . وشجر بيته أي عمده بعمود . ويقال : فلان من شجرة مباركة ، أي من أصل مبارك . ابن الأعرابي : الشجرة النقطة الصغيرة في ذقن الغلام .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية