الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : بشيرا ونذيرا وموصوفها وهو ( قرآنا ) بناء على أنه صفة له بالصلة وهي ( لقوم ) على تقدير تعلقه - بتنزيل - أو - بفصلت - وبين الصلة - وموصولها بالصفة أي ( تنزيل ) أو ( فصلت ولقوم ) والجمع للمبالغة على حد قولك لمن يفرق بين آخرين : لا تفعل فإن التفريق بين الإخوان مذموم أو أراد لئلا يفرق بين الصلتين في الحكم مع عدم الموجب للتفريق وهو أن يتصل ( من الرحمن ) بموصوله ولا يتصل ( لقوم ) وكذلك بين الصفتين وهو ( عربيا ) بموصوفه ولا يتصل ( بشيرا ) والجمع لذلك أيضا . واختار أبو حيان كون الجار والمجرور صلة ( فصلت ) وقال : يبعد تعلقه - بتنزيل - لكونه وصف قبل أخذ متعلقه إن كان ( من الرحمن ) في موضع الصفة أو أبدل منه ( كتاب ) أو كان خبرا - لتنزيل - فيكون في ذلك البدل من الموصول أو الإخبار عنه قبل أخذه متعلقه وهو لا يجوز ولعل ذلك غير مجمع عليه ، وكون ( بشيرا ) صفة ( قرآنا ) هو المشهور ، وجوز أن يكون مع ما عطف عليه حال من ( كتاب ) أو من ( آياته ) وقرأ زيد بن علي «بشير » و «نذير » برفعهما وهي رواية شاذة عن نافع على الوصفية لكتاب أو الخبرية لمحذوف أي هو بشير لأهل الطاعة ونذير لأهل المعصية فأعرض أكثرهم عن تدبره وقبوله ، والضمير للقوم على المعنى الأول ليعلمون وللكفار المذكورين حكما على المعنى الثاني ، ويجوز أن يكون للقوم عليه أيضا بأن يراد به [ ص: 96 ] ما من شأنهم العلم والنظر فهم لا يسمعون أي لا يقبلون ولا يطيعون من قولك : تشفعت إلى فلان فلم يسمع قولي ولقد سمعه ولكنه لما لم يقبله ولم يعمل بمقتضاه فكأنه لم يسمعه وهو مجاز مشهور .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي الكشف أن قوله تعالى : فأعرض مقابل قوله تعالى : لقوم يعلمون وقوله سبحانه : فهم لا يسمعون مقابل قوله جل شأنه : بشيرا ونذيرا أي أنكروا إعجازه والإذعان له مع العلم ولم يقبلوا بشائره ونذره لعدم التدبر .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية