[ ص: 94 ] ولما كان أعظم النظر في آية المجادلة المكررة من أول السورة إلى هنا إلى البعث وصيرورة العباد إلى الله بالحشر ليقع فيه الحكم الفصل، وتتحقق نصرة الأنبياء وأتباعهم يوم يقوم الأشهاد، دل على قدرته عليه بما هو كالتعليل لما نفي في آية المجادلة من بلوغهم لما قصدوا من الكبر، فقال مؤكدا تنزيلا للمقر العالم منزلة الجاهل المعاند لمخالفة فعله لاعتقاده: nindex.php?page=treesubj&link=31756_32438_33679_29011nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=57لخلق السماوات أي: خلق الله لها على عظمها وارتفاعها وكثرة منافعها واتساعها nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=57والأرض على ما ترون من عجائبها وكثرة متاعها nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=57أكبر عند كل من يعقل من الخلق في الخلق nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=57من خلق الناس أي: خلق الله لهم لأنهم شعبة يسيرة من خلقهما، فعلم قطعا أن الذي قدر على ابتدائه على عظمه قادر على إعادة الناس على حقارتهم nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=57ولكن أكثر الناس وهم الذين ينكرون البعث وغيره مما يمكن أن تتعلق به القدرة وصح به السمع nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=57لا يعلمون أي: لا علم لهم أصلا، بل هم كالبهائم لغلبة الغفلة عليهم واتباعهم أهواءهم، فهم لا يستدلون بذلك على القدرة على البعث كما أن البهائم ترى الظاهر فلا تدرك به الباطن، بل هم أنزل رتبة من البهائم، لأن هذا النحو من العلم في غاية الظهور فهو كالمحسوس، فمن توقف فيه كان جمادا.

[ ص: 94 ] وَلَمَّا كَانَ أَعْظَمُ النَّظَرِ فِي آيَةِ الْمُجَادَلَةِ الْمُكَرَّرَةِ مِنْ أَوَّلِ السُّورَةِ إِلَى هُنَا إِلَى الْبَعْثِ وَصَيْرُورَةِ الْعِبَادِ إِلَى اللَّهِ بِالْحَشْرِ لِيَقَعَ فِيهِ الْحُكْمُ الْفَصْلُ، وَتَتَحَقَّقُ نُصْرَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَأَتْبَاعُهُمْ يَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ، دَلَّ عَلَى قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ بِمَا هُوَ كَالتَّعْلِيلِ لِمَا نُفِيَ فِي آيَةِ الْمُجَادَلَةِ مِنْ بُلُوغِهِمْ لِمَا قَصَدُوا مِنَ الْكِبْرِ، فَقَالَ مُؤَكَّدًا تَنْزِيلًا لِلْمُقِرِّ الْعَالِمِ مَنْزِلَةَ الْجَاهِلِ الْمُعَانِدِ لِمُخَالَفَةِ فِعْلِهِ لِاعْتِقَادِهِ: nindex.php?page=treesubj&link=31756_32438_33679_29011nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=57لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ أَيْ: خَلْقُ اللَّهِ لَهَا عَلَى عِظَمِهَا وَارْتِفَاعِهَا وَكَثْرَةِ مَنَافِعِهَا وَاتِّسَاعِهَا nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=57وَالأَرْضِ عَلَى مَا تَرَوْنَ مِنْ عَجَائِبِهَا وَكَثْرَةِ مَتَاعِهَا nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=57أَكْبَرُ عِنْدَ كُلِّ مَنْ يَعْقِلُ مِنَ الْخَلْقِ فِي الْخَلْقِ nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=57مِنْ خَلْقِ النَّاسِ أَيْ: خَلْقُ اللَّهِ لَهُمْ لِأَنَّهُمْ شُعْبَةٌ يَسِيرَةٌ مِنْ خَلْقِهِمَا، فَعُلِمَ قَطْعًا أَنَّ الَّذِي قَدَرَ عَلَى ابْتِدَائِهِ عَلَى عِظَمِهِ قَادِرٌ عَلَى إِعَادَةِ النَّاسِ عَلَى حَقَارَتِهِمْ nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=57وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ وَهُمُ الَّذِينَ يُنْكِرُونَ الْبَعْثَ وَغَيْرَهُ مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ تَتَعَلَّقَ بِهِ الْقُدْرَةُ وَصَحَّ بِهِ السَّمْعُ nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=57لا يَعْلَمُونَ أَيْ: لَا عِلْمَ لَهُمْ أَصْلًا، بَلْ هُمْ كَالْبَهَائِمِ لِغَلَبَةِ الْغَفْلَةِ عَلَيْهِمْ وَاتِّبَاعِهِمْ أَهْوَاءَهُمْ، فَهُمْ لَا يَسْتَدِلُّونَ بِذَلِكَ عَلَى الْقُدْرَةِ عَلَى الْبَعْثِ كَمَا أَنَّ الْبَهَائِمَ تَرَى الظَّاهِرَ فَلَا تُدْرِكُ بِهِ الْبَاطِنَ، بَلْ هُمْ أَنْزَلُ رُتْبَةً مِنَ الْبَهَائِمِ، لِأَنَّ هَذَا النَّحْوَ مِنَ الْعِلْمِ فِي غَايَةِ الظُّهُورِ فَهُوَ كَالْمَحْسُوسِ، فَمَنْ تَوَقَّفَ فِيهِ كَانَ جَمَادًا.