الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
قال المصنف رحمه الله تعالى ( nindex.php?page=treesubj&link=26614_3945ولا يجب في العمر أكثر من حجة وعمرة بالشرع ، لما روى nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما { nindex.php?page=hadith&LINKID=2539أن الأقرع بن حابس سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال : آلحج كل عام ؟ قال : لا ، بل حجة } وروى سراقة بن مالك قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=26797قلت : يا رسول الله أعمرتنا هذه لعامنا أم للأبد ؟ ، قال : للأبد ، دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة } )
( الشرح ) حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رواه أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15395والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه وغيرهم بأسانيد حسنة ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في صحيحه من رواية nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=18534خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا أيها الناس قد فرض عليكم الحج فحجوا ، فقال رجل : أكل عام يا رسول الله ؟ فسكت حتى قالها ثلاثا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو قلت نعم ، لوجبت . ولما استطعتم ، ثم قال : ذروني ما تركتكم إنما هلك من قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم ، فإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه } رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ( وأما ) حديث سراقة فرواه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني بإسناد صحيح عن nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر عن سراقة قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=26839 : قلت يا رسول الله : عمرتنا هذه لعامنا هذا ؟ أم للأبد ؟ فقال : لا بل للأبد ، دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة } قال nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : رواته كلهم ثقات . وقد رواه nindex.php?page=showalam&ids=15395النسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه من رواية nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس عن سراقة وهذه رواية منقطعة ، فإنهما ولدا سنة ست وعشرين أو بعدها ، وتوفي سراقة سنة أربع وعشرين ، وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم سؤال سراقة من رواية nindex.php?page=showalam&ids=36جابر ، لكن بغير هذا اللفظ ، والله أعلم .
[ ص: 13 ] وأما ) قوله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=18788دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة } فقد ذكر أصحابنا وغيرهم فيه تفسيرين : ( أحدهما ) معناه دخلت أفعال العمرة في أفعال الحج إذ جمع بينهما بالقران : ( والثاني ) معناه لا بأس بالعمرة في أشهر الحج ، وهذا هو الأصح وهو تفسير nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأكثر العلماء ، ونقله الترمذي عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وإسحاق ، قال الترمذي وغيره : وسببه أن الجاهلية كانوا لا يرون العمرة في أشهر الحج ، ويعتقدون أن ذلك من أعظم الفجور ، فأذن الشرع في ذلك وبين جوازه وقطع الجاهلية عما كانوا عليه ، { ولهذا اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم عمره الأربع في أشهر الحج ، ثلاثا منها في ذي القعدة والرابعة مع حجته حجة الوداع في ذي الحجة } . ويؤيد هذا ما ثبت عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=39843والله ما أعمر رسول الله صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة في ذي الحجة إلا ليقطع أمر أهل الشرك ، فإن هذا الحي من قريش ومن دان دينهم كانوا يقولون : إذا عفا الوبر ، وبرأ الدبر ، ودخل صفر ، فقد حلت العمرة لمن اعتمر فكانوا يحرمون العمرة حتى ينسلخ ذو الحجة والمحرم } ، هذا حديث صحيح رواه أبو داود بإسناد صحيح بلفظه ورواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه مختصرا فذكر بعضه ( وقول ) المصنف : nindex.php?page=treesubj&link=26614_3945لا يجب في العمر أكثر من حجة وعمرة بالشرع ، احترز بقوله : بالشرع عن النذر ، وعمن أراد أن يدخل مكة لحاجة لا تتكرر إذا قلنا : يلزمه الإحرام . والحجة - بكسر الحاء - أفصح من فتحها كما سبق في أول الباب والعمرة بضم العين والميم وإسكان الميم وبفتح العين وإسكان الميم - والله أعلم . أما أحكام المسألة فلا يجب على المكلف المستطيع في جميع عمره إلا حجة واحدة ، وعمرة واحدة بالشرع ، ونقل أصحابنا إجماع المسلمين على هذا ، وحكى صاحب البيان وغيره عن بعض الناس أنه يجب كل سنة ، قال nindex.php?page=showalam&ids=11872القاضي أبو الطيب في تعليقه : وقال بعض الناس : يجب الحج في كل سنتين مرة ، قالوا : وهذا خلاف الإجماع ، قائله محجوج بإجماع من كان قبله ، والله أعلم .
[ ص: 14 ] فرع ) nindex.php?page=treesubj&link=3297_25369ومن حج ثم ارتد ثم أسلم لم يلزمه الحج ، بل يجزئه حجته السابقة عندنا ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة وآخرون : يلزمه الحج ، ومبنى الخلاف على أن الردة متى تحبط العمل ؟ فعندهم تحبطه في الحال ، سواء أسلم بعدها أم لا ، فيصير كمن لم يحج ، وعندنا لا تحبطه إلا إذا اتصلت بالموت لقوله تعالى - : { nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=217ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر ، فأولئك حبطت أعمالهم } وقد سبقت المسألة مستوفاة بأدلتها وفروعها في أول كتاب الصلاة .