الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ( 35 ) ويقولون أئنا لتاركو آلهتنا لشاعر مجنون ( 36 ) بل جاء بالحق وصدق المرسلين ( 37 ) )

يقول - تعالى ذكره - : وإن هؤلاء المشركين بالله الذين وصف صفتهم في هذه الآيات كانوا في الدنيا إذا قيل لهم : قولوا ( لا إله إلا الله يستكبرون ) يقول : يتعظمون عن قيل ذلك ويتكبرون ، وترك من الكلام قولوا ، اكتفاء بدلالة الكلام عليه من ذكره .

[ ص: 34 ] وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن الحسين قال : ثنا أحمد بن المفضل قال : ثنا أسباط ، عن السدي ، في قوله ( إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ) قال : يعني المشركين خاصة .

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله ( إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ) قال : قال عمر بن الخطاب : احضروا موتاكم ، ولقنوهم لا إله إلا الله ، فإنهم يرون ويسمعون .

وقوله ( ويقولون أئنا لتاركو آلهتنا لشاعر مجنون ) يقول - تعالى ذكره - : ويقول هؤلاء المشركون من قريش ، أنترك عبادة آلهتنا لشاعر مجنون يقول : لاتباع شاعر مجنون ، يعنون بذلك نبي الله - صلى الله عليه وسلم - ، ونقول : لا إله إلا الله .

كما حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( ويقولون أئنا لتاركو آلهتنا لشاعر مجنون ) يعنون محمدا - صلى الله عليه وسلم - .

وقوله ( بل جاء بالحق ) وهذا خبر من الله مكذبا للمشركين الذين قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - : شاعر مجنون ، كذبوا ، ما محمد كما وصفوه به من أنه شاعر مجنون ، بل هو لله نبي جاء بالحق من عنده ، وهو القرآن الذي أنزله عليه ، وصدق المرسلين الذين كانوا من قبله .

وبمثل الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( بل جاء بالحق ) بالقرآن ( وصدق المرسلين ) : أي صدق من كان قبله من المرسلين .

التالي السابق


الخدمات العلمية