الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          شحط

                                                          شحط : الشحط والشحط : البعد ، وقيل : البعد في كل الحالات يثقل ويخفف قال النابغة :


                                                          وكل قرينة ومقر إلف مفارقه إلى الشحط القرين



                                                          وأنشد الأزهري :


                                                          والشحط قطاع رجاء من رجا



                                                          وشحطت الدار تشحط شحطا وشحطا وشحوطا : بعدت . الجوهري : شحط المزار ( أي بعد ) وأشحطته أبعدته . وشواحط الأودية . ما تباعد منها . وشحط فلان في السوم وأبعط إذا استام بسلعته وتباعد عن الحق وجاوز القدر ; عن اللحياني : قال ابن سيده : وأرى شحط لغة عنه أيضا . وفي حديث ربيعة في الرجل يعتق الشقص من العبد ، قال : يشحط الثمن ثم يعتق كله أي يبلغ به أقصى القيمة ، هو من شحط في السوم إذا أبعد فيه ، وقيل : معناه يجمع ثمنه من شحطت الإناء إذا ملأته . وشحط شرابه يشحطه : أرق مزاجه عن أبي حنيفة . والشحطة : داء يأخذ الإبل في صدورها فلا تكاد تنجو منه . والشحطة : أثر سحج يصيب جنبا أو فخذا ونحوهما يقال : أصابته شحطة . والتشحط : الاضطراب في الدم . ابن سيده : الشحط الاضطراب في الدم . وتشحط الولد في السلى : اضطرب فيه ; قال النابغة :


                                                          ويقذفن بالأولاد في كل منزل     تشحط في أسلائها كالوصائل



                                                          الوصائل : البرود الحمر . وشحطه يشحطه شحطا وسحطه : ذبحه ; قال ابن سيده : والسين أعلى . وتشحط المقتول بدمه أي اضطرب فيه ، وشحطه غيره به تشحيطا . وفي حديث محيصة : وهو يتشحط في دمه أي يتخبط فيه ويضطرب ويتمرغ . وشحطته العقرب ووكعته بمعنى واحد . وقال الأزهري : يقال شحط الطائر وصام ومزق ومرق وسقسق ، وهو الشحط والصوم . الأزهري : يقال جاء فلان سابقا قد شحط الخيل شحطا أي فاتها . ويقال : شحطت بنو هاشم العرب أي فاتوهم فضلا وسبقوهم . والشحطة : العود من الرمان وغيره تغرسه إلى جنب قضيب الحبلة حتى يعلو فوقه ، وقيل : الشحط خشبة توضع إلى جنب الأغصان الرطاب المتفرقة القصار التي تخرج من الشكر حتى ترتفع عليها ، وقيل : هو عود ترفع عليه الحبلة حتى تستقل إلى العريش . قال أبو الخطاب : شحطتها أي وضعت إلى [ ص: 33 ] جنبها خشبة حتى ترتفع إليها . والمشحط : عويد يوضع عند القضيب من قضبان الكرم يقيه من الأرض . الشوحط : ضرب من النبع تتخذ منه القياس ، وهي من شجر الجبال جبال السراة ; قال الأعشى :


                                                          وجيادا كأنها قضب الشو     حط يحملن شكة الأبطال



                                                          قال أبو حنيفة : أخبرني العالم بالشوحط أن نباته نبات الأرز قضبان تسمو كثيرة من أصل واحد ، قال : وورقه فيما ذكر رقاق طوال وله ثمرة مثل العنبة الطويلة إلا أن طرفها أدق ، وهي لينة تؤكل . وقال مرة : الشوحط والنبع أصفرا العود رزيناه ثقيلان في اليد إذا تقادما احمرا ، واحدته شوحطة . وروى الأزهري عن المبرد أنه قال : النبع والشوحط والشريان شجرة واحدة ، ولكنها تختلف أسماؤها بكرم منابتها ، فما كان منها في قلة الجبل فهو النبع ، وما كان في سفحه فهو الشريان ، وما كان في الحضيض فهو الشوحط . الأصمعي : من أشجار الجبال النبع والشوحط والتألب ; وحكى ابن بري في أماليه أن النبع والشوحط واحد ، واحتج بقول أوس يصف قوسا :


                                                          تعلمها في غيلها ، وهي حظوة     بواد به نبع طوال وحثيل
                                                          وبان وظيان ورنف وشوحط     ألف أثيث ناعم متعبل



                                                          فجعل منبت النبع والشوحط واحدا ; وقال ابن مقبل يصف قوسا :


                                                          من فرع شوحطة بضاحي هضبة     لقحت به لقحا خلاف حيال



                                                          وأنشد ابن الأعرابي :


                                                          وقد جعل الوسمي ينبت بيننا     وبين بني دودان نبعا وشوحطا



                                                          قال ابن بري : معنى هذا أن العرب كانت لا تطلب ثأرها إلا إذا أخصبت بلادها ، أي صار هذا المطر ينبت لنا القسي التي تكون من النبع والشوحط . قال أبو زياد : وتصنع القياس من الشريان ، وهي جيدة إلا أنها سوداء مشربة حمرة ; قال ذو الرمة :


                                                          وفي الشمال من الشريان مطعمة     كبداء في عجسها عطف وتقويم

                                                          وذكر الغنوي الأعرابي أن السراء من النبع ويقوي قوله قول أوس في صفة قوس نبع أطنب في وصفها ، ثم جعلها سراء فهما إذا واحد وهو قوله :


                                                          وصفراء من نبع كأن نذيرها     إذا لم يخفضه عن الوحش أفكل



                                                          ويروى : أزمل فبالغ في وصفها ، ثم ذكر عرضها للبيع وامتناعه ، فقال :


                                                          فأزعجه أن قيل شتان ما ترى     إليك وعود من سراء معطل



                                                          فثبت بهذا أن النبع والشوحط والسراء في قول الغنوي واحد ، وأما الشريان فلم يذهب به أحد إلى أنه من النبع إلا المبرد ، وقد رد عليه ذلك .

                                                          قال ابن بري : الشوحط والنبع شجر واحد فما كان منها في قلة الجبل فهو نبع ، وما كان في سفحه هو شوحط ، وقال المبرد : وما كان منها في الحضيض فهو شريان ، وقد رد عليه هذا القول . وقال أبو زياد : النبع والشوحط شجر واحد إلا أن النبع ما ينبت منه في الجبل ، والشوحط ما ينبت منه في السهل . وفي الحديث : أنه ضربه بمخرش من شوحط ، هو من ذلك قال ابن الأثير : والواو زائدة . وشيحاط : موضع بالطائف . وشواحط : موضع ; قال ساعدة بن العجلان الهذلي :


                                                          غداة شواحط فنجوت شدا     وثوبك في عباقية هريد



                                                          والشمحوط : الطويل والميم زائدة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية