الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما أمر سبحانه بما دل على استحقاقه إياه ، أنتج قطعا قوله : قل أي: لهؤلاء الذين يجادلونك في التوحيد والبعث مقابلا لإنكارهم بالتأكيد : إني نهيت أي: ممن لا ناهي غيره ، نهيا عاما ببراهين العقل ، ونهيا خاصا بأدلة النقل أن أعبد ولما أهلوهم لأعلى المقامات ، عبر عنهم إرخاء للعنان بقوله : الذين تدعون أي: يؤهلونهم لأن تدعوهم ، ودل على سفولهم بقوله تعالى : من دون الله [أي]: الذي له الكمال كله ، ودل على أنه ما كان متعبدا قبل البعث بشرع أحد بقوله : لما جاءني البينات أي: الحجج الواضحة جدا من أدلة العقل والنقل ظاهرة ، [ ولفت القول إلى صفة الإحسان تنبيها على أنه كما يستحق الإفراد بالعبادة لذاته يستحقها شكرا لإحسانه فقال] : من ربي أي: المربي لي تربية خاصة هي أعلى من تربية كل مخلوق سواي ، فلذلك أنا أعبده عبادة تفوق عبادة كل عابد.

                                                                                                                                                                                                                                      ولما أخبر بما يتخلى عنه ، أتبعه الأمر بما يتحلى به فقال : وأمرت أن أسلم أي: بأن أجدد إسلام كليتي في [ كل ] [ ص: 109 ] وقت على سبيل الدوام لرب العالمين لأن كل ما سواه مربوب فالإقبال عليه خسار ، وإذا نهى هو صلى الله عليه وسلم عن ذلك وأمر بهذا لكون الآمر والناهي ربه لأنه رب كل شيء ، كان غيره مشاركا له في ذلك لا محالة.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية