الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما نظم سبحانه هذا الدليل في صنع الآدمي من التراب، وختمه بأن دلالته على البعث - بإجراء سنته في إرجاع أواخر الأمور على أوائلها وغير ذلك - لا يحتاج إلى غير العقل، أنتج [عنه] قوله: هو لا غيره الذي يحيي ويميت كما تشاهدونه في أنفسكم وكما مضى لكم الإشارة إليه بخلق السماوات والأرض، فإن من خلقهما خلق ما بينهما من الآجال المضروبة باختلاف الليل والنهار والشهور والأعوام لبلوغ الأفلاك مواضعها، ثم رجوعها عودا على بدء مثل تطوير الإنسان بعد الترابية من النطفة إلى العلقة إلى ما فوقها، ثم رجوعه في مدارك هبوطه إلى أن يصير ترابا كما كان، فليست النهاية بأبعد من البداية.

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كانت إرادته لا تكون إلا تامة نافذة، سبب عن ذلك قوله معبرا بالقضاء: فإذا قضى أمرا أي: أراد أي أمر كان من القيامة أو غيرها فإنما يقول له كن ولما كانت " إذا " شرطية أجابها في قراءة ابن عامر بقوله: فيكون وعطفها في قراءة غيره على " كن " بالنظر إلى معناه، أو يكون خبرا لمبتدأ [أي]: فهو يكون، وعبر بالمضارع تصويرا للحال وإعلاما بالتجدد عند كل قضاء، وقد مضى في سورة البقرة إشباع الكلام في توجيه قراءة ابن عامر بما تبين به أنها [ ص: 112 ] أشد من قراءة غيره.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية