الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب إذا استأجر أرضا فمات أحدهما وقال ابن سيرين ليس لأهله أن يخرجوه إلى تمام الأجل وقال الحكم والحسن وإياس بن معاوية تمضى الإجارة إلى أجلها وقال ابن عمر أعطى النبي صلى الله عليه وسلم خيبر بالشطر فكان ذلك على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وصدرا من خلافة عمر ولم يذكر أن أبا بكر وعمر جددا الإجارة بعدما قبض النبي صلى الله عليه وسلم

                                                                                                                                                                                                        2165 حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا جويرية بن أسماء عن نافع عن عبد الله رضي الله عنه قال أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر اليهود أن يعملوها ويزرعوها ولهم شطر ما يخرج منها وأن ابن عمر حدثه أن المزارع كانت تكرى على شيء سماه نافع لا أحفظه وأن رافع بن خديج حدث أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن كراء المزارع وقال عبيد الله عن نافع عن ابن عمر حتى أجلاهم عمر

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( باب إذا استأجر أرضا فمات أحدهما ) أي : هل تفسخ الإجارة أم لا؟ والجمهور على عدم الفسخ . وذهب الكوفيون والليث إلى الفسخ ، واحتجوا بأن الوارث ملك الرقبة ، والمنفعة تبع لها فارتفعت يد المستأجر عنها بموت الذي آجره ، وتعقب بأن المنفعة قد تنفك عن الرقبة كما يجوز بيع مسلوب المنفعة ، فحينئذ ملك المنفعة باق للمستأجر بمقتضى العقد . وقد اتفقوا على أن الإجارة لا تنفسخ بموت ناظر الوقف فكذلك هنا .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقال ابن سيرين ليس لأهله ) أي : أهل الميت ( أن يخرجوه ) أي : يخرجوا المستأجر ( إلى تمام الأجل . وقال الحسن والحكم وإياس بن معاوية : تمضي الإجارة إلى أجلها ) وصله ابن أبي شيبة من طريق حميد عن الحسن وإياس بن معاوية ومن طريق أيوب عن ابن سيرين نحوه . ثم أورد المصنف حديث ابن عمر : أعطى النبي - صلى الله عليه وسلم - خيبر اليهود على أن يعملوها وسيأتي الكلام عليه مستوفى في المزارعة ، وكذلك في الطريق المعلقة آخر الباب ، وهي قوله : " وقال عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر حتى أجلاهم عمر " يريد أن عبيد الله حدث بهذا الحديث عن نافع كما حدث به جويرية عن نافع وزاد في آخره : " حتى أجلاهم عمر " قال الكرماني " القائل " وقال عبيد الله " هو موسى بن إسماعيل الراوي عن جويرية وهو [ ص: 541 ] من تتمة حديثه ، وبه تحصل الترجمة . فأما قوله : إنه موسى فغلط واضح ؛ لأن موسى لا رواية له عن عبيد الله بن عمر أصلا ، والقائل : " وقال عبيد الله " هو البخاري ، وهو تعليق سيأتي بيانه ، وقد وصله مسلم من طرق عن نافع وقال في آخرها : " حتى أجلاهم إلى تيماء وأريحاء " وأما قوله : " وهو من تتمة حديثه " إن كان أراد به أنه حدث به فقد بينت أنه غلط ، وإن أراد أنه من تتمته لكن من رواية غيره فصحيح ، وكذا قوله : " وبه تحصل الترجمة " والغرض منه هنا الاستدلال على عدم فسخ الإجارة بموت أحد المتآجرين ، وهو ظاهر في ذلك ، وقد أشار إليه بقوله : " ولم يذكر أن أبا بكر جدد الإجارة بعد النبي صلى الله عليه وسلم " وذكر فيه حديث ابن عمر في كراء المزارع ، وحديث رافع بن خديج في النهي عنه وسيأتي شرحهما في المزارعة أيضا إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                        ( خاتمة ) : اشتمل كتاب الإجارة من الأحاديث المرفوعة على ثلاثين حديثا ، المعلق منها خمسة والبقية موصولة ، المكرر منها فيه وفيما مضى ستة عشر حديثا والبقية خالصة ، وافقه مسلم على تخريجها سوى حديث أبي هريرة في رعي الغنم ، وحديث : المسلمون عند شروطهم وحديث ابن عباس : أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله ، وحديث ابن عمر في النهي عن عسب الفحل . وفيه من الآثار عن الصحابة والتابعين ثمانية عشر أثرا . والله سبحانه وتعالى أعلم .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية