الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      في الرجل يكتري الدار بثوب بعينه فيتلف قبل أن يقبضه المكري أو يوجد به عيب قلت : أرأيت إن استأجرت دارا شهرا بثوب بعينه وشرطنا النقد في الثوب ، والثوب في بيتي ووصفته فضاع الثوب بعد ما سكنت أياما قبل أن يقبضه رب الدار ؟

                                                                                                                                                                                      قال : أرى أن يرجع بمثل كراء الدار في الأيام التي سكن ; لأن الثوب قد تلف ، وكذلك لو كان المكاري قد قبض الثوب فاستحق من يده بعد ما سكن المتكاري كان لرب الدار أن يرجع على المتكاري بقيمة كراء الدار لا قيمة الثوب ولا ثوب مثله قال : وهذا في الاستحقاق هو قول مالك .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت من آجر داره سنة بثوب بعينه فلما سكن المتكاري نصف السنة أصاب رب الدار بالثوب عيبا كيف يصنع ؟

                                                                                                                                                                                      قال : أرى أن يرده وينتقض الكراء فيما بقي ويرجع عليه بقيمة كراء الدار الستة أشهر التي سكنها .

                                                                                                                                                                                      قلت : فإن قال رب الدار : أنا أقبل الثوب وأرجع بقيمة العيب في كراء الدار ؟

                                                                                                                                                                                      قال : ليس له ذلك .

                                                                                                                                                                                      وإنما له أن يأخذ الثوب معيبا أو يرده ويكون كما وصفت لك ، قال : وأرى إن كان العيب الذي أصاب الثوب خفيفا ليس مما ينقص ثمن الثوب ، وإن كان ذلك عند البزازين عيبا فليس له أن يرده ; لأن مالكا قال في الرقيق : من اشترى عبدا فأصاب به عيبا [ ص: 518 ] إذا كان ذلك خفيفا فليس له أن يرده ، وإن كان ذلك عيبا عند النخاسين إذا لم ينقصه ذلك من ثمنه قال مالك : مثل الكية والأثر وأشباه ذلك يريد مما لا ينقص ثمن السلعة .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن آجرت دارا لي بثوب ففات الثوب ثم علمت بعيب كان في الثوب أو بعت الثوب ثم علمت بالعيب ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قول مالك في البيوع : إنه إن باع فليس له أن يرجع عليه بقليل ولا كثير ، وإن كان إنما تصدق به أو وهبه ؟

                                                                                                                                                                                      قال مالك : يرجع عليه بقيمة العيب في الثمن الذي دفع ، وأنا أرى اللبس مثل الهبة في البيوع فمسألتك في الكراء أنه يرجع على صاحبه إن تصدق أو وهب بقيمة العيب من قدر الكراء وينقص من كراء الدار بقدر قيمة العيب ، وأنا أرى اللبس مثل الهبة والصدقة وكذلك قال مالك فيمن اشترى ثوبا أو دابة أو عبدا فتصدق بها أو وهبها فإنه يرجع بقيمة العيب في الثمن الذي نقد إذا كان الثمن دنانير أو دراهم أو غيرهما وهو فوت مثل الموت والعتق .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن اكتريت دارا سنة بعبد بعينه واشترطت النقد فمات العبد قبل أن أقبضه ؟ قال : موت العبد بعد وجوب الصفقة من المكري للدار والمتكاري بريء من مصيبته وهذا والبيع سواء .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية