الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 507 ) مسألة : قال والحامل لا تحيض ، إلا أن تراه قبل ولادتها بيومين ، أو ثلاثة فيكون دم نفاس مذهب أبي عبد الله رحمه الله أن الحامل لا تحيض ، وما تراه من الدم فهو دم فساد وهو قول جمهور التابعين ; منهم : سعيد بن المسيب ، وعطاء ، والحسن ، وجابر بن زيد وعكرمة ، ومحمد بن المنكدر ، والشعبي ، ومكحول وحماد والثوري ، والأوزاعي ، وأبو حنيفة ، وابن المنذر وأبو عبيد وأبو ثور وروي عن عائشة رضي الله عنها والصحيح عنها أنها إذا رأت الدم لا تصلي .

                                                                                                                                            وقال مالك والشافعي ، والليث : ما تراه من الدم حيض إذا أمكن وروي ذلك عن الزهري ، وقتادة ، وإسحاق لأنه دم صادف عادة ، فكان حيضا كغير الحامل ، ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم { لا توطأ حامل حتى تضع ولا حائل حتى تستبرأ بحيضة } فجعل وجود الحيض علما على براءة الرحم ، فدل ذلك على أنه لا يجتمع معه .

                                                                                                                                            واحتج إمامنا بحديث سالم عن أبيه { أنه طلق امرأته وهي حائض ، فسأل عمر النبي صلى الله عليه وسلم فقال مره فليراجعها ، ثم ليطلقها طاهرا أو حاملا } فجعل الحمل علما على عدم الحيض ، كما جعل الطهر علما عليه ; ولأنه زمن لا يعتادها الحيض فيه غالبا ، فلم يكن ما تراه فيه حيضا كالآيسة قال أحمد إنما يعرف النساء الحمل بانقطاع الدم ، وقول عائشة يحمل على الحبلى التي قاربت الوضع ، جمعا بين قوليها ، فإن الحامل إذا رأت الدم قريبا من ولادتها فهو نفاس ، تدع له الصلاة كذلك قال [ ص: 219 ] إسحاق : وقال الحسن : إذا رأت الدم على الولد أمسكت عن الصلاة .

                                                                                                                                            وقال يعقوب بن بختان سألت أحمد عن المرأة إذا ضربها المخاض قبل الولادة بيوم أو يومين تعيد الصلاة ؟ قال : لا وقال إبراهيم النخعي : إذا ضربها المخاض فرأت الدم قال : هو حيض . وهذا قول أهل المدينة ، والشافعي وقال عطاء : تصلي ولا تعده حيضا ولا نفاسا .

                                                                                                                                            ولنا : أنه دم خرج بسبب الولادة فكان نفاسا ، كالخارج بعده وإنما يعلم خروجه بسبب الولادة إذا كان قريبا منها ويعلم ذلك برؤية أماراتها ; من المخاض ونحوه في وقته : وأما إن رأت الدم من غير علامة على قرب الوضع ، لم تترك له العبادة ; لأن الظاهر أنه دم فساد فإن تبين كونه قريبا من الوضع ، كوضعه بعده بيوم أو بيومين أعادت الصوم المفروض إن صامته فيه . وإن رأته عند علامة على الوضع تركت العبادة . فإن تبين بعده عنها أعادت ما تركته من العبادات الواجبة ; لأنها تركتها من غير حيض ولا نفاس .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية