الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ليقطع طرفا من الذين كفروا أو يكبتهم فينقلبوا خائبين .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: (ليقطع طرفا) معناه: نصركم ببدر ليقطع طرفا . قال الزجاج: أي: ليقتل قطعة منهم . وفي أي يوم كان ذلك فيه قولان .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما: في يوم بدر ، قاله الحسن ، وقتادة ، والجمهور .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: يوم أحد ، قتل منهم ثمانية وعشرون ، قاله السدي .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: (أو يكبتهم) فيه سبعة أقوال .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدها: أن معناه: يهزمهم ، قاله ابن عباس ، والزجاج .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: يخزيهم ، قاله قتادة ، ومقاتل .

                                                                                                                                                                                                                                      والثالث: يصرعهم ، قاله أبو عبيد ، واليزيدي . وقال الخليل: هو الصرع على الوجه .

                                                                                                                                                                                                                                      والرابع: يهلكهم ، قاله أبو عبيدة . والخامس: يلعنهم ، قاله السدي .

                                                                                                                                                                                                                                      والسادس: يظفر عليهم ، قاله المبرد . [ ص: 455 ] والسابع: يغيظهم ، قاله النضر بن شميل ، واختاره ابن قتيبة . وقال ابن قتيبة: أهل النظر يرون أن التاء فيه منقلبة عن دال ، كأن الأصل فيه: يكبدهم ، أي: يصيبهم في أكبادهم بالحزن والغيظ ، وشدة العداوة ، ومنه يقال: فلان قد أحرق الحزن كبده ، وأحرقت العداوة كبده ، والعرب تقول: العدو: أسود الكبد . قال الأعشى:


                                                                                                                                                                                                                                      فما أجشمت من إتيان قوم هم الأعداء والأكباد سود



                                                                                                                                                                                                                                      كأن الأكباد لما احترقت بشدة العداوة ، اسودت ، ومنه يقال للعدو: كاشح ، لأنه يخبئ يخبأ العداوة في كشحه . والكشح: الخاصرة ، وإنما يريدون الكبد ، لأن الكبد هناك . قال الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                      وأضمر أضغانا على كشوحها



                                                                                                                                                                                                                                      والتاء والدال متقاربتا المخرج ، والعرب تدغم إحداهما في الأخرى ، وتبدل إحداهما من الأخرى ، كقولهم: هرت الثوب وهرده: إذا خرقه ، وكذلك: كبت العدو ، وكبده ، ومثله كثير .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: (فينقلبوا خائبين) قال الزجاج: الخائب: الذي لم ينل ما أمل . وقال غيره: الفرق بين الخيبة واليأس ، أن الخيبة لا تكون إلا بعد الأمل ، واليأس قد يكون من غير أمل .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية