الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 119 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( أصطفى البنات على البنين ( 153 ) أصطفى البنات على البنين ( 153 ) ما لكم كيف تحكمون ( 154 ) أفلا تذكرون ( 155 ) أم لكم سلطان مبين ( 156 ) فأتوا بكتابكم إن كنتم صادقين ( 157 ) )

يقول - تعالى ذكره - موبخا هؤلاء القائلين : لله البنات - من مشركي قريش : ( أصطفى ) الله أيها القوم ( البنات على البنين ) والعرب إذا وجهوا الاستفهام إلى التوبيخ أثبتوا ألف الاستفهام أحيانا وطرحوها أحيانا ، كما قيل : ( أذهبتم ) بالقصر ( طيباتكم في حياتكم الدنيا ) يستفهم بها ، ولا يستفهم بها ، والمعنى في الحالين واحد ، وإذا لم يستفهم في قوله ( أصطفى البنات ) ذهبت ألف اصطفى في الوصل ، ويبتدأ بها بالكسر ، وإذا استفهم فتحت وقطعت .

وقد ذكر عن بعض أهل المدينة أنه قرأ ذلك بترك الاستفهام والوصل . فأما قراء الكوفة والبصرة ، فإنهم في ذلك على قراءته بالاستفهام ، وفتح ألفه في الأحوال كلها ، وهي القراءة التي نختار لإجماع الحجة من القراء عليها .

وقوله ( ما لكم كيف تحكمون ) يقول : بئس الحكم تحكمون أيها القوم أن يكون لله البنات ولكم البنون ، وأنتم لا ترضون البنات لأنفسكم ، فتجعلون له ما لا ترضونه لأنفسكم ؟

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( أصطفى البنات على البنين ما لكم كيف تحكمون ) يقول : كيف يجعل لكم البنين ولنفسه البنات ، ما لكم كيف تحكمون ؟ .

وقوله ( أفلا تذكرون ) يقول : أفلا تتدبرون ما تقولون ، فتعرفوا خطأه [ ص: 120 ] فتنتهوا عن قيله ؟

وقوله ( أم لكم سلطان مبين ) يقول : ألكم حجة تبين صحتها لمن سمعها ، بحقيقة ما تقولون ؟

كما حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( أم لكم سلطان مبين ) : أي عذر مبين .

حدثنا محمد قال : ثنا أحمد قال : ثنا أسباط ، عن السدي ، في قوله ( سلطان مبين ) قال حجة .

وقوله ( فأتوا بكتابكم ) يقول : فأتوا بحجتكم من كتاب جاءكم من عند الله بأن الذي تقولون من أن له البنات ولكم البنين كما تقولون .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك .

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( فأتوا بكتابكم ) : أي بعذركم ( إن كنتم صادقين )

حدثنا محمد قال : ثنا أحمد قال : ثنا أسباط ، عن السدي : ( فأتوا بكتابكم ) أن هذا كذا بأن له البنات ولكم البنون .

وقوله ( إن كنتم صادقين ) يقول : إن كنتم صادقين أن لكم بذلك حجة .

التالي السابق


الخدمات العلمية