الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( فكفروا به فسوف يعلمون ( 170 ) ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين ( 171 ) إنهم لهم المنصورون ( 172 ) وإن جندنا لهم الغالبون ( 173 ) )

يقول - تعالى ذكره - : فلما جاءهم الذكر من عند الله كفروا به ، وذلك كفرهم بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وبما جاءهم به من عند الله من التنزيل والكتاب ، يقول الله : فسوف يعلمون إذا وردوا علي ماذا لهم من العذاب بكفرهم بذلك .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي قال : ثني عمي قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله ( لو أن عندنا ذكرا من الأولين لكنا عباد الله المخلصين ) قال : لما جاء المشركين من أهل مكة ذكر الأولين وعلم الآخرين كفروا بالكتاب ( فسوف يعلمون ) يقول : قد جاءكم محمد بذلك ، فكفروا بالقرآن وبما جاء به محمد .

وقوله ( ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون ) يقول - تعالى ذكره - : ولقد سبق منا القول لرسلنا إنهم لهم المنصورون : أي مضى بهذا منا القضاء والحكم في أم الكتاب ، وهو أنهم لهم النصرة والغلبة بالحجج .

كما حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين ) حتى بلغ : ( لهم الغالبون ) قال : سبق هذا [ ص: 131 ] من الله لهم أن ينصرهم .

حدثنا محمد بن الحسين قال : ثنا أحمد بن المفضل قال : ثنا أسباط ، عن السدي ، في قوله ( ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون ) يقول : بالحجج .

وكان بعض أهل العربية يتأول ذلك : ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين بالسعادة . وذكر أن ذلك في قراءة عبد الله : " ولقد سبقت كلمتنا على عبادنا المرسلين " فجعلت على مكان اللام ، فكأن المعنى : حقت عليهم ولهم ، كما قيل : على ملك سليمان ، وفي ملك سليمان ، إذ كان معنى ذلك واحدا .

وقوله ( وإن جندنا لهم الغالبون ) يقول : وإن حزبنا وأهل ولايتنا لهم الغالبون ، يقول : لهم الظفر والفلاح على أهل الكفر بنا ، والخلاف علينا .

التالي السابق


الخدمات العلمية