الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (162) قوله تعالى : أفمن اتبع رضوان الله : الكلام على مثله قد تقدم من أن الفاء النية بها التقديم على الهمزة ، وأن مذهب الزمخشري تقدير فعل بينهما . قال الشيخ : "وتقديره في مثل هذا التركيب متكلف جدا " . انتهى . والذي يظهر من التقديرات : "أحصل لكم تمييز بين الضال والمهتدي ، فمن اتبع رضوان الله واهتدى ليس كمن باء بسخطه وغل " . لأن الاستفهام هنا للنفي . و "من " هنا موصولة بمعنى الذي في محل رفع بالابتداء ، والجار والمجرور الخبر . قال أبو البقاء : "ولا يجوز أن تكون شرطا ، لأن [ ص: 469 ] " كمن "لا يصلح أن يكون جوابا " يعني لأنه كان يجب اقترانه بالفاء ، ولأن المعنى يأباه .

                                                                                                                                                                                                                                      و "بسخط " يجوز أن يتعلق بنفس الفعل أي : رجع بسخطه ، ويجوز أن يكون حالا فيتعلق بمحذوف أي : رجع مصاحبا لسخطه أو ملتبسا به . و "من الله " صفته . والسخط : الغضب الشديد ، ويقال : "سخط " بفتحتين وهو مصدر قياسي ، ويقال : "سخط " بضم السين وسكون الخاء ، وهو غير مقيس ، ويقال : "هو في سخطة الملك " بالتاء أي : في كراهة منه له .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : ومأواه جهنم في هذه الجملة احتمالان : أن تكون مستأنفة ، أخبر أن من باء بسخطه أوى إلى جهنم . ويفهم منه مقابله وهو : أن من اتبع الرضوان كان مأواه الجنة ، وإنما سكت عن هذا ونص على ذلك ليكون أبلغ في الزجر ، ولا بد من حذف في هذه الجمل تقديره : أفمن اتبع ما يؤول به إلى رضا الله فباء برضاه كمن اتبع ما يؤول به إلى سخطه .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني : أنها داخلة في حيز الموصول ، فتكون معطوفة على "باء بسخط " ، فيكون قد وصل الموصول بجملتين اسمية وفعلية ، وعلى كلا الاحتمالين لا محل لها من الإعراب . والمخصوص بالذم محذوف أي : وبئس المصير جهنم . واشتملت هذه الآيات على الطباق في قوله : "ينصركم ويخذلكم " ، وفي قوله : "رضوان الله وسخطه " ، والتجنيس المماثل في قوله : "يغلل " و "بما غل " .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية