الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ( ومن كفر فلا يحزنك كفره إلينا مرجعهم فننبئهم بما عملوا إن الله عليم بذات الصدور نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ )

                                                                                                                                                                                                                                            ثم قال تعالى : ( ومن كفر فلا يحزنك كفره إلينا مرجعهم فننبئهم بما عملوا إن الله عليم بذات الصدور نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ )

                                                                                                                                                                                                                                            لما بين حال المسلم رجع إلى بيان حال الكافر فقال : ( ومن كفر فلا يحزنك ) أي لا تحزن إذا كفر كافر فإن من يكذب وهو قاطع بأن صدقه يتبين عن قريب لا يحزن ، بل قد يؤنب المكذب على الزيادة في التكذيب إذا لم يكن من الهداة ، ويكون المكذب من العداة ليخجله غاية التخجيل ، وأما إذا كان لا يرجو ظهور صدقه يتألم من التكذيب ، فقال فلا يحزنك كفره ، فإن المرجع إلي فأنبئهم بما عملوا فيخجلون .

                                                                                                                                                                                                                                            وقوله : ( إن الله عليم بذات الصدور ) أي لا يخفى عليه سرهم وعلانيتهم فينبئهم بما أضمرته صدورهم ، وذات الصدور هي المهلك ، ثم إن الله تعالى فصل ما ذكرنا وقال : ( نمتعهم قليلا ) أي بقاؤهم مدة قليلة ثم بين لهم وبال تكذيبهم وكفرهم بقوله : ( ثم نضطرهم ) أي نسلط عليهم أغلظ عذاب حتى يدخلوا بأنفسهم عذابا غليظا فيضطرون إلى عذاب النار فرارا من الملائكة الغلاظ الشداد الذين يعذبونهم بمقامع من نار ، وفيه وجه آخر لطيف وهو أنهم لما كذبوا الرسل ثم تبين لهم الأمر وقع عليهم من الخجالة ما يدخلون النار ولا يختارون الوقوف بين يدي ربهم بمحضر الأنبياء ، وهو يتحقق بقوله تعالى : ( فلا يحزنك كفره إلينا مرجعهم فننبئهم بما عملوا ) .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية