الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( وعندهم قاصرات الطرف أتراب ( 52 ) هذا ما توعدون ليوم الحساب ( 53 ) إن هذا لرزقنا ما له من نفاد ( 54 ) )

( وعندهم قاصرات الطرف أتراب )

يقول - تعالى ذكره - : عند هؤلاء المتقين الذين أكرمهم الله بما وصف في هذه الآية من إسكانهم جنات عدن ( قاصرات الطرف ) يعني : نساء قصرت أطرافهن على أزواجهن ، فلا يردن غيرهم ، ولا يمددن أعينهن إلى سواهم .

كما حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( وعندهم قاصرات الطرف ) قال : قصرن طرفهم على أزواجهم ، فلا يردن غيرهم .

[ ص: 223 ] حدثنا محمد قال : ثنا أحمد قال : ثنا أسباط ، عن السدي ( قاصرات الطرف ) قال : قصرن أبصارهن وقلوبهن وأسماعهن على أزواجهن ، فلا يردن غيرهم .

وقوله ( أتراب ) يعني : أسنان واحدة .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل على اختلاف بين أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ( قاصرات الطرف أتراب ) قال : أمثال .

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( أتراب ) سن واحدة .

حدثنا محمد قال : ثنا أحمد قال : ثنا أسباط ، عن السدي ( أتراب ) قال : مستويات . قال : وقال بعضهم : متواخيات لا يتباغضن ، ولا يتعادين ، ولا يتغايرن ، ولا يتحاسدن .

وقوله ( هذا ما توعدون ليوم الحساب ) يقول - تعالى ذكره - : هذا الذي يعدكم الله في الدنيا أيها المؤمنون به من الكرامة لمن أدخله الله الجنة منكم في الآخرة .

كما حدثنا محمد قال : ثنا أحمد قال : ثنا أسباط ، عن السدي ( هذا ما توعدون ليوم الحساب ) قال : هو في الدنيا ليوم القيامة .

وقوله ( إن هذا لرزقنا ما له من نفاد ) يقول - تعالى ذكره - : إن هذا الذي أعطينا هؤلاء المتقين في جنات عدن من الفاكهة الكثيرة والشراب ، والقاصرات الطرف ، ومكناهم فيها من الوصول إلى اللذات وما اشتهته فيها أنفسهم لرزقنا ، رزقناهم فيها كرامة منا لهم ( ما له من نفاد ) يقول : ليس له عنهم انقطاع ولا [ ص: 224 ] له فناء ، وذلك أنهم كلما أخذوا ثمرة من ثمار شجرة من أشجارها ، فأكلوها ، عادت مكانها أخرى مثلها ، فذلك لهم دائم أبدا ، لا ينقطع انقطاع ما كان أهل الدنيا أوتوه فى الدنيا ، فانقطع بالفناء ، ونفد بالإنفاد .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن الحسين قال : ثنا أحمد بن المفضل قال : ثنا أسباط ، عن السدي ( إن هذا لرزقنا ما له من نفاد ) قال : رزق الجنة ، كلما أخذ منه شيء عاد مثله مكانه ، ورزق الدنيا له نفاد .

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( ما له من نفاد ) : أي ما له انقطاع .

التالي السابق


الخدمات العلمية