الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 83 ] 421 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمره بالعلانية وتحذيره من السر .

2658 - حدثنا إبراهيم بن أبي داود ، قال : حدثنا محمد بن الصباح ، قال : حدثنا سعيد بن عبد الرحمن الجمحي ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : أوصني ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تشرك بالله عز وجل شيئا ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتحج ، وتعتمر ، وتسمع ، وتطيع ، وعليك بالعلانية ، وإياك والسر .

[ ص: 84 ] قال أبو جعفر : فتأملنا هذا الحديث لنقف على المراد به إن شاء الله ، فكان الذي حضرنا مما وقع بقلوبنا أنه أولى الأشياء الذي وجدناه يحتملها أنه يراد به العلانية من الناس ليكون بعضهم عند بعض على ما يظهر لهم منهم ، لا يتجاوزون بهم ذلك إلى طلب سرائرهم ؛ لأن ذلك لا يبلغون حقائقه إذ كان الله - عز وجل - قد أخفاه عنهم منهم ، وإذ كان قد نهاهم عنه فيهم ، بقوله عز وجل : ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا .

ومثل ذلك ما قد روي عن عمر بن الخطاب ما قد خاطب به الناس .

كما قد حدثنا مالك بن يحيى أبو غسان الهمداني ، قال : حدثنا عبد الوهاب بن عطاء ( ح ) .

وكما قد حدثنا يزيد بن سنان ، قال : حدثنا شيبان بن فروخ ، قال : حدثنا مهدي بن ميمون ، قال مالك في حديثه : قال : أخبرنا الجريري ، وقال يزيد في حديثه : قال : حدثنا سعيد الجريري ، عن أبي نضرة ، عن أبي فراس قال : شهدت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يخطب الناس ، فحمد الله ، وأثنى عليه ، ثم قال : يا أيها الناس أما إنا إنما كنا نعرفكم إذ ينزل الوحي ، وإذ النبي صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا ، وإذ ينبئنا الله عز وجل من [ ص: 85 ] أخباركم ، فقد انقطع الوحي ، وذهب النبي صلى الله عليه وسلم ، فإنما أعرفكم بما أقول : من رأينا منه خيرا ظننا به خيرا ، وأحببناه عليه ، ومن رأينا منه شرا ظننا به شرا ، وأبغضناه عليه ، سرائركم بينكم وبين ربكم عز وجل .

فمثل ذلك ما قد رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأمر بالعلانية وترك السر ، ومثل ذلك ما قد خاطب النبي صلى الله عليه وسلم به الذي قتل الرجل بعد قوله : لا إله إلا الله ، وبعد اعتذاره من ذلك إليه ، أنه إنما قالها تعوذا : ألا شققت عن قلبه ، أي إنك غير واصل منه إلى غير ما قد نطق به لسانه ، وسمعته منه ، والله نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية