الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          شرط

                                                          شرط : الشرط : معروف وكذلك الشريطة ، والجمع شروط وشرائط والشرط : إلزام الشيء والتزامه في البيع ونحوه ، والجمع شروط . وفي الحديث : لا يجوز شرطان في بيع ، هو كقولك : بعتك هذا الثوب نقدا بدينار ونسيئة بدينارين ، وهو كالبيعين في بيعة ، ولا فرق عند أكثر الفقهاء في عقد البيع بين شرط واحد أو شرطين ، وفرق بينهما أحمد عملا بظاهر الحديث . ومنه الحديث الآخر : نهى عن بيع وشرط ، وهو أن يكون الشرط ملازما في العقد لا قبله ولا بعده ، ومنه حديث بريرة : شرط الله أحق يريد ما أظهره وبينه من حكم الله بقوله الولاء لمن أعتق ; وقيل : هو إشارة إلى قوله تعالى : فإخوانكم في الدين ومواليكم وقد شرط له وعليه كذا يشرط ويشرط شرطا واشترط عليه . والشريطة : كالشرط ، وقد شارطه وشرط له في ضيعته يشرط ويشرط ، وشرط للأجير يشرط شرطا . والشرط بالتحريك : العلامة ، والجمع أشراط . وأشراط الساعة : أعلامها ، وهو منه . وفي التنزيل العزيز : فقد جاء أشراطها . والاشتراط : العلامة التي يجعلها الناس بينهم . وأشرط طائفة من إبله وغنمه : عزلها وأعلم أنها للبيع . والشرط من الإبل : ما يجلب للبيع نحو الناب والدبر . يقال : إن في إبلك شرطا ، فيقول : لا ، ولكنها لباب كلها . وأشرط فلان نفسه لكذا وكذا : أعلمها له وأعدها ; ومنه سمي الشرط ; لأنهم جعلوا لأنفسهم علامة يعرفون بها ، الواحد شرطة وشرطي ; قال ابن أحمر :

                                                          فأشرط نفسه حرصا عليها وكان بنفسه حجئا ضنينا

                                                          والشرطة في السلطان : من العلامة والإعداد . ورجل شرطي وشرطي : منسوب إلى الشرطة ، والجمع شرط ، سموا بذلك ; لأنهم أعدوا لذلك وأعلموا أنفسهم بعلامات ، وقيل : هم أول كتيبة تشهد [ ص: 57 ] الحرب وتتهيأ للموت . وفي حديث ابن مسعود : وتشرط شرطة للموت ولا يرجعون إلا غالبين ; هم أول طائفة من الجيش تشهد الوقعة ، وقيل : بل صاحب الشرطة في حرب بعينها ; قال ابن سيده : والصواب الأول ; قال ابن بري : شاهد الشرطي لواحد الشرط قول الدهناء :


                                                          والله لولا خشية الأمير وخشية الشرطي والثؤثور



                                                          الثؤثور : الجلواز ; قال : وقال آخر :


                                                          أعوذ بالله وبالأمير     من عامل الشرطة والأترور



                                                          وأشراط الشيء : أوائله قال بعضهم : ومنه أشراط الساعة وذكرها النبي صلى الله عليه وسلم والاشتقاقان متقاربان ; لأن علامة الشيء أوله : ومشاريط الأشياء : أوائلها كأشراطها ; أنشد ابن الأعرابي :


                                                          تشابه أعناق الأمور وتلتوي     مشاريط ما الأوراد عنه صوادر



                                                          قال : ولا واحد لها . وأشراط كل شيء : ابتداء أوله . الأصمعي : أشراط الساعة علاماتها ، قال : ومنه الاشتراط الذي يشترط الناس بعضهم على بعض أي هي علامات يجعلونها بينهم ; ولهذا سميت الشرط ; لأنهم جعلوا لأنفسهم علامة يعرفون بها . وحكى الخطابي عن بعض أهل اللغة أنه أنكر هذا التفسير ، وقال : أشراط الساعة ما تنكره الناس من صغار أمورها قبل أن تقوم الساعة . وشرط السلطان : نخبة أصحابه الذين يقدمهم على غيرهم من جنده ; وقول أوس بن حجر :


                                                          فأشرط فيها نفسه وهو معصم     وألقى بأسباب له وتوكلا



                                                          أي جعل نفسه علما لهذا الأمر ، وقوله : أشرط فيها نفسه أي هيأ لهذه النبعة . وقال أبو عبيدة : سمي الشرط شرطا لأنهم أعداء . وأشراط الساعة : أسبابها التي هي دون معظمها وقيامها . والشرطان : نجمان من الحمل يقال لهما قرنا الحمل ، وهما أول نجم من الربيع ، ومن ذلك صار أوائل كل أمر يقع أشراطه ، ويقال لهما الأشراط : قال العجاج :


                                                          ألجأه رعد من الأشراط     وريق الليل إلى أراط



                                                          قال الجوهري : الشرطان نجمان من الحمل ، وهما قرناه ، وإلى جانب الشمالي منهما كوكب صغير ، ومن العرب من يعده معهما فيقول : هو ثلاثة كواكب ويسميها الأشراط ; قال الكميت :


                                                          هاجت عليه من الأشراط نافجة     في فلتة بين إظلام وإسفار



                                                          والنسب إليه أشراطي ; لأنه قد غلب عليها فصار كالشيء الواحد ; قال العجاج :


                                                          من باكر الأشراط أشراطي



                                                          أراد الشرطين . قال ابن بري : الشرطان تثنية شرط وكذلك الأشراط جمع شرط ; قال : والنسب إلى الشرطين شرطي كقوله :


                                                          ومن شرطي مرثعن بعامر



                                                          قال : وكذلك النسب إلى الأشراط شرطي ، قال : وربما نسبوا إليه على لفظ الجمع أشراطي ، وأنشد بيت العجاج . وروضة أشراطية : مطرت بالشرطين ; قال ذو الرمة يصف روضة :


                                                          قرحاء حواء أشراطية وكفت     فيها الذهاب وحفتها البراعيم



                                                          يعني روضة مطرت بنوء الشرطين ، وإنما قال : قرحاء لأن في وسطها نوارة بيضاء ، وقال : حواء لخضرة نباتها . وحكى ابن الأعرابي : طلع الشرط ، فجاء للشرطين بواحد ، والتثنية في ذلك أعلى وأشهر ; لأن أحدهما لا ينفصل عن الآخر ، فصار كأبانين في أنهما يثبتان معا وتكون حالتهما واحدة في كل شيء . وأشرط الرسول : أعجله ، وإذا أعجل الإنسان رسولا إلى أمر قيل : أشرطه وأفرطه من الأشراط التي هي أوائل الأشياء كأنه من قولك : فارط وهو السابق . والشرط : رذال المال وشراره الواحد ، والجمع والمذكر والمؤنث في ذلك سواء ; قال جرير :


                                                          تساق من المعزى مهور نسائهم     ومن شرط المعزى لهن مهور



                                                          وفي حديث الزكاة : ولا الشرط اللئيمة أي رذال المال ، وقيل : صغاره وشراره . وشرط الناس : خشارتهم وخمانهم ; قال الكميت :


                                                          وجدت الناس غير ابني نزار     ولم أذممهم شرطا ودونا



                                                          فالشرط : الدون من الناس ، والذين هم أعظم منهم ليسوا بشرط . والأشراط : الأرذال . والأشراط أيضا : الأشراف ; قال يعقوب : وهذا الحرف من الأضداد ; وأما قول حسان بن ثابت :


                                                          في ندامى بيض الوجوه كرام     نبهوا بعد هجعة الأشراط



                                                          فيقال : إنه أراد به الحرس وسفلة الناس ; وأنشد ابن الأعرابي :


                                                          أشاريط من أشراط أشراط طيء     وكان أبوهم أشرطا وابن أشرطا



                                                          وفي الحديث : لا تقوم الساعة حتى يأخذ الله شريطته من أهل الأرض فيبقى عجاج لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا ، يعني أهل الخير والدين . والأشراط من الأضداد : يقع على الأشراف والأرذال ; قال الأزهري : أظنه شرطته أي الخيار إلا أن شمرا كذا رواه . وشرط : لقب مالك بن بجرة ، ذهبوا في ذلك إلى استرذاله ; لأنه كان يحمق ; قال خالد بن قيس التيمي يهجو مالكا هذا :


                                                          ليتك إذ رهنت آل موأله     حزوا بنصل السيف عند السبله
                                                          وحلقت بك العقاب القيعله     مدبرة بشرط لا مقبله



                                                          [ ص: 58 ] والغنم : أشرط المال أي أرذله مفاضلة ، وليس هناك فعل ; قال ابن سيده : وهذا نادر لأن المفاضلة إنما تكون من الفعل دون الاسم ، وهو نحو ما حكاه سيبويه من قولهم : أحنك الشاتين لأن ذلك لا فعل له أيضا عنده ، وكذلك آبل الناس لا فعل له عند سيبويه . وشرط الإبل : حواشيها وصغارها واحدها شرط أيضا ، وناقة شرط وإبل شرط . قال : وفي بعض نسخ الصحاح : الغنم أشراط المال ; قال : فإن صح هذا فهو جمع شرط . التهذيب : وشرط المال صغارها ، وقال : والشرط سموا شرطا لأن شرطة كل شيء خياره ، وهم نخبة السلطان من جنده ; وقال الأخطل :


                                                          ويوم شرطة قيس إذ منيت بهم     حنت مثاكيل من أيفاعهم نكد



                                                          وقال آخر :


                                                          حتى أتت شرطة للموت حاردة



                                                          وقال أوس : فأشرط فيها أي استخف بها وجعلها شرطا أي شيئا دونا خاطر بها . أبو عمرو : أشرطت فلانا لعمل كذا أي يسرته وجعلته يليه ; وأنشد :


                                                          قرب منهم كل قرم مشرط     عجمجم ذي كدنة عملط



                                                          المشرط : الميسر للعمل . والمشرط : المبضع ، والمشراط مثله : والشرط : بزغ الحجام بالمشرط ، شرط يشرط ويشرط شرطا إذا بزغ ، والمشراط والمشرطة : الآلة التي يشرط بها . قال ابن الأعرابي : حدثني بعض أصحابي عن ابن الكلبي عن رجل عن مجالد قال : كنت جالسا عند عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب بالكوفة فأتي برجل فأمر بضرب عنقه ، فقلت : هذا والله جهد البلاء ، فقال : والله ما هذا إلا كشرطة حجام بمشرطته ولكن جهد البلاء فقر مدقع بعد غنى موسع . وفي الحديث : نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن شريطة الشيطان ، وهي ذبيحة لا تفرى فيها الأوداج ولا تقطع ولا يستقصى ذبحها ; أخذ من شرط الحجام ، وكان أهل الجاهلية يقطعون بعض حلقها ويتركونها حتى تموت ، وإنما أضافها إلى الشيطان ; لأنه هو الذي حملهم على ذلك وحسن هذا الفعل لديهم وسوله لهم . والشريطة من الإبل : المشقوقة الأذن . والشريطة : شبه خيوط تفتل من الخوص والليف ، وقيل : هو الحبل ما كان سمي بذلك ; لأنه يشرط خوصه أي يشق ثم يفتل ، والجمع شرائط وشرط ، وشريط كشعيرة وشعير . والشريط : العتيدة للنساء تضع فيها طيبها ، وقيل : هي عتيدة الطيب ، وقيل : العيبة ; حكاه ابن الأعرابي وبه فسر قول عمرو بن معديكرب :


                                                          فزينك في الشريط إذا التقينا     وسابغة وذو النونين زيني



                                                          يقول : زينك الطيب الذي في العتيدة أو الثياب التي في العيبة ، وزيني أنا السلاح ، وعنى بذي النونين السيف كما سماه بعضهم ذا الحيات : قال الأسود بن يعفر :


                                                          علوت بذي الحيات مفرق رأسه     فخر كما خر النساء عبيطا



                                                          وقال معقل بن خويلد الهذلي :


                                                          وما جردت ذا الحيات إلا     لأقطع دابر العيش الحباب



                                                          كانت امرأته نظرت إلى رجل فضربها معقل بالسيف فأتر يدها ، فقال فيها هذا يقول : إنما كنت ضربتك بالسيف لأقتلك فأخطأتك لجدك :


                                                          فعاد عليك أن لكن حظا     وواقية كواقية الكلاب



                                                          وقال أبو حنيفة : الشرط المسيل الصغير يجيء من قدر عشرة أذرع مثل شرط المال رذالها ، وقيل : الأشراط ما سال من الأسلاق في الشعاب . والشرواط : الطويل المتشذب القليل اللحم الدقيق ، يكون ذلك من الناس والإبل ، وكذلك الأنثى بغير هاء ; قال :


                                                          يلحن من ذي زجل شرواط     محتجز بخلق شمطاط



                                                          قال ابن بري : الرجز لجساس بن قطيب والرجز مغير ; وصوابه بكماله على ما أنشده ثعلب في أماليه :


                                                          وقلص مقورة الألياط     باتت على ملحب أطاط
                                                          تنجو إذا قيل لها يعاط     فلو تراهن بذي أراط
                                                          وهن أمثال السرى الأمراط     يلحن من ذي دأب شرواط
                                                          صات الحداء شظف مخلاط     معتجر بخلق شمطاط
                                                          على سراويل له أسماط     ليست له شمائل الضفاط
                                                          يتبعن سدو سلس الملاط     ومسرب آدم كالفسطاط
                                                          خوى قليلا غير ما اغتباط     على مباني عسب سباط
                                                          يصبح بعد الدلج القطقاط     وهو مدل حسن الألياط



                                                          الألياط : الجلود . وملحب : طريق . وأطاط : مصوت . ويعاط : زجر . وأراط : موضع . والسرى جمع سروة : السهم . والأمراط : المتمرطة الريش . ويلحن : يفرقن . والدأب : شدة السير والسوق . والشظف : خشونة العيش . والضفاط : الكثير اللحم ، وهو أيضا الذي يكرى من منزل إلى منزل . والملاط : المرفق وعسب قوائمه . وسباط : جمع سبط . والقطقاط : السريع . الليث : ناقة شرواط وجمل شرواط طويل ، وفيه دقة ، الذكر والأنثى فيه سواء . ورجل [ ص: 59 ] شروط : طويل . وبنو شريط : بطن .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية