[ ص: 75 ] باب ما يفسد الصلاة ، وما يكره فيها ( ومن بطلت صلاته ) خلافا تكلم في صلاته عامدا أو ساهيا رحمه الله في الخطأ والنسيان ، ومفزعه الحديث المعروف . [ ص: 76 - 77 ] ولنا قوله عليه الصلاة والسلام { للشافعي }وما رواه محمول على رفع الإثم ، بخلاف السلام ساهيا لأنه من الأذكار فيعتبر ذكرا في حالة النسيان ، وكلاما في حالة التعمد لما فيه من كاف الخطاب . إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس ، وإنما هي التسبيح والتهليل وقراءة القرآن
التالي
السابق
[ ص: 75 ] باب ما يفسد الصلاة ، وما يكره فيها
الحديث السادس والسبعون : قال المصنف : ومفزعه " يعني " الحديث المعروف ، قلت : يشير إلى قوله عليه السلام : { الشافعي }وهذا لا يوجد بهذا اللفظ ، وإن كان الفقهاء كلهم لا يذكرونه إلا بهذا اللفظ ، وأقرب ما وجدناه بلفظ : { رفع عن أمتي الخطأ والنسيان } ، رواه رفع الله عن هذه الأمة ثلاثا ابن عدي في " الكامل " من حديث أبي بكرة ، وسيأتي وأكثر ما يروى بلفظ : { } ، هكذا روي من حديث إن الله تجاوز لأمتي عن الخطأ والنسيان . ابن عباس وأبي ذر وثوبان وأبي الدرداء وابن عمر وأبي بكرة . أما حديث ، فأخرجه ابن عباس في " سننه في الطلاق " عن ابن ماجه الأوزاعي عن عن عطاء بن أبي رباح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { ابن عباس }. انتهى . إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه
ورواه في " صحيحه " في النوع الثامن والستين ، من القسم الثالث عن ابن حبان عن عطاء بن أبي رباح عن عبيد بن عمير مرفوعا ، وكذلك ابن عباس في " المستدرك في الطلاق " ، وقال : صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه . انتهى . الحاكم
وأما حديث ، فرواه أبي ذر أيضا حدثنا ابن ماجه إبراهيم بن محمد بن يوسف الفريابي ثنا ثنا أيوب بن سويد عن أبو بكر الهذلي عن شهر بن حوشب ، مرفوعا نحوه ، سواء . [ ص: 76 ] وأما حديث أبي ذر الغفاري ، فرواه ثوبان في " معجمه " حدثنا الطبراني أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة ثنا إسحاق بن إبراهيم أبو النضر ثنا يزيد بن ربيعة ثنا أبو الأشعث عن مرفوعا ، نحوه ، قلت : لفظه : { ثوبان }. إن الله تجاوز عن أمتي ثلاثة : الخطأ والنسيان وما أكرهوا عليه
وأما حديث ، فرواه أبي الدرداء أيضا حدثنا الطبراني عبدان بن أحمد ثنا ثنا هشام بن عمار عن إسماعيل بن عياش عن أبي بكر الهذلي عن شهر بن حوشب عن أم الدرداء مرفوعا نحوه . قلت : لفظه : { أبي الدرداء }. وأما حديث إن الله تجاوز لأمتي عن النسيان وما أكرهوا عليه ، فرواه ابن عمر أبو نعيم في " الحلية في ترجمة " : حدثنا مالك الحسن بن أحمد بن صالح السبيعي ثنا عبد الله بن الصفر السكري ثنا محمد بن المصفى ثنا ثنا الوليد بن مسلم عن مالك عن نافع عن النبي ، قال : { ابن عمر }. انتهى . إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه
وقال : غريب من حديث ، تفرد به مالك ابن مصفى عن الوليد . انتهى .
وأخرجه في " كتابه " ، وأعله العقيلي بابن المصفى ، وضعفه عن . وأما حديث أحمد أبي بكرة ، فرواه ابن عدي في " الكامل " عن جعفر بن جسر بن فرقد حدثني أبي عن الحسن به ، عن أبي بكرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { } ، قال رفع الله عن هذه الأمة ثلاثا : الخطأ والنسيان والأمر يكرهون عليه الحسن : قول باللسان ، فأما اليد ، فلا . انتهى .
وعده ابن عدي من منكرات جعفر هذا ، قال : ولم أر للمتكلمين في الرجال فيه قولا . ولا أدري لما غفلوا عنه ، ولعله إنما هو من قبل أبيه ، فإن أباه قد تكلم فيه بعض من تقدم ، لأني لم أر جعفرا يروي عن غير أبيه انتهى .
قال ابن أبي حاتم في " علله " : سألت أبي عن حديث رواه عن الوليد بن مسلم الأوزاعي عن عن عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم : { ابن عباس }. إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما [ ص: 77 ] استكرهوا عليه
وعن الوليد عن عن مالك عن نافع مثله ، وعن ابن عمر الوليد عن عن ابن لهيعة عن موسى بن وردان عامر مثله ، فقال أبي : هذه أحاديث منكرة ، كأنها موضوعة ، ولا يصح هذا الحديث ، ولا يثبت إسناده . انتهى .
الحديث السابع والسبعون : قال عليه السلام : { } ، قلت : رواه إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء [ ص: 78 ] من كلام الناس ، وإنما هي التسبيح والتهليل وقراءة القرآن في " صحيحه " من حديث { مسلم معاوية بن الحكم السلمي ، قال : بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم ، فقلت له : يرحمك الله ، فرماني القوم بأبصارهم ، فقلت : وا ثكل أمياه ، ما شأنكم تنظرون إلي ؟ فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم ، فلما رأيتهم يصمتوني ، لكني سكت ، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبأبي هو وأمي ، ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه ، فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني ، ثم قال : إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس ، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن }الحديث بطوله ، { وللبيهقي } ، قال إنما هي النووي في " الخلاصة " : بسند صحيح ، وفي لفظ في " معجمه " : { للطبراني }وبوب عليه إن صلاتنا لا يحل فيها شيء من كلام الناس ، " باب نسخ الكلام في الصلاة " : مسلم والمصنف استدل بهذا الحديث على أن الكلام مبطل للصلاة .
وللخصم عنه جوابان : أحدهما : إن قوله : " لا يصلح " ليس دالا على البطلان ، ولكن معناه أنه محظور ، وليس كل محظور مبطلا . الثاني : قالوا : إنه لم يأمره بالإعادة ، وإنما علمه أحكام الصلاة . انتهى .
أحاديث الباب : أخرج البخاري عن { ومسلم ، قال : أرسلني رسول الله [ ص: 79 ] صلى الله عليه وسلم وهو منطلق إلى جابر بني المصطلق ، فأتيته ، وهو يصلي على بعيره ، فكلمته ، فقال لي بيده ، وأومأ زهير بيمينه . ثم كلمته ، فقال لي : هكذا ، وأنا أسمعه يقرأ ، يومئ برأسه ، فلما فرغ ، قال : ما فعلت في الذي أرسلتك له ؟ فإنه لم يمنعني أن أكلمك إلا أني كنت أصلي }انتهى .
{ حديث آخر } : أخرجه في " سننه " عن الدارقطني أبي شيبة عن يزيد أبي خالد الدالاني عن عن أبي سفيان ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { جابر }. انتهى . وهو حديث ضعيف فيه الكلام ينقض الصلاة ، ولا ينقض الوضوء أبو شيبة إبراهيم بن عثمان جد الإمام أبي بكر بن أبي شيبة ، وقد ضعفه غير واحد . وفيه يزيد الدالاني أيضا ، قال : لا يجوز الاحتجاج به ، إذا انفرد . قال ابن حبان : والصحيح في هذا الحديث موقوف ، ورواه البيهقي أبو شيبة إبراهيم بن عثمان ، فرفعه ، وهو ضعيف . انتهى .
أحاديث الخصوم : حديث ذي اليدين ، وقد روي : من حديث ، ومن حديث أبي هريرة ، ومن حديث عمران بن حصين . فحديث ابن عمر : أخرجه أبي هريرة البخاري عن ومسلم عن { محمد بن سيرين ، قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشي : إما الظهر وإما العصر ، فسلم في ركعتين ، ثم أتى جذعا في قبلة المسجد ، فاستند إليها مغضبا ، وفي القوم أبي هريرة أبو بكر ، فهابا أن يتكلما ، وخرج سرعان الناس ، فقام وعمر ذو اليدين ، فقال : يا رسول الله أقصرت الصلاة ، أم نسيت ؟ فقال : ما يقول ذو اليدين ؟ قالوا : صدق ، لم تصل إلا الركعتين ، فصلى ركعتين ، وسلم ، ثم سجد سجدتين ، ثم سلم } ، وفي رواية ، قال : { للبخاري } ، وفي رواية لهما ، قال : { لم أنس ، ولم تقصر }. وفي رواية كل ذلك لم يكن ، قال : قد كان بعض ذلك ، { للبخاري ذو اليدين ، فقال : يا رسول الله أنسيت ، أم قصرت ؟ }. وفي لفظ لهما : { فقام رجل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوه } ، وفي لفظ لهما : { صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العصر بني سليم } ، ورواه صلى ركعتين من صلاة الظهر ، ثم [ ص: 80 ] سلم ، فأتاه رجل من في " صحيحه " في النوع السابع عشر ، من القسم الخامس ، ولفظه : قال : { ابن حبان ذو الشمالين بن عبد عمرو ، حليف لبني زهرة : أخففت الصلاة ، أم نسيت يا رسول الله ؟ فقال عليه السلام : ما يقول ذو اليدين ؟ قالوا : يا نبي الله ، صدق ، قال : فأتم بهم الركعتين اللتين نقصهما ، ثم سلم }. صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : الظهر أو العصر ، فسلم في الركعتين ، فقال
قال : كان هذا قبل الزهري بدر . ثم استحكمت الأمور بعد . انتهى .
ورواه في " الموطإ " مالك عن مالك ابن شهاب الزهري عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة ، قال : بلغني أن { ذو الشمالين ، رجل من بني زهرة بن كلاب : أقصرت الصلاة يا رسول الله ، أم نسيت ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما قصرت الصلاة ، وما نسيت ، فقال له ذو الشمالين : قد كان بعض ذلك يا رسول الله ، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس ، فقال : أصدق ذو اليدين ؟ قالوا : نعم ، فأتم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بقي من الصلاة ، ثم سلم }. انتهى . رسول الله صلى الله عليه وسلم ركع ركعتين من إحدى صلاتي النهار : الظهر أو العصر ، فسلم من اثنتين ، فقال له
قال في " التقصي " : هذا مرسل ، إلا أنه يتصل من وجوه صحاح . انتهى . ابن عبد البر
وأما حديث : فأخرجه عمران بن حصين البخاري أيضا عنه : { ومسلم الخرباق ، وكان في يديه طول ، فقال : يا رسول الله ، فذكر له صنيعه ، فقال : أصدق هذا ؟ قالوا : نعم ، فصلى ركعة ، ثم سلم ، ثم سجد سجدتين ، ثم سلم } ، وفي لفظ لهما : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى العصر ، فسلم في ثلاث ركعات ، ثم دخل منزله ، فقام إليه رجل ، يقال له : } ، الحديث . فقام رجل بسيط اليدين
وأما حديث ، فأخرجه ابن عمر أبو داود عن وابن ماجه أبي كريب الهمداني عن عن أبي أسامة عن عبيد الله بن عمر عن نافع ، قال : { ابن عمر ذو اليدين : يا رسول الله أقصرت الصلاة ، أم نسيت ؟ فقال : ما قصرت ، ولا نسيت ، قال : إنك صليت ركعتين ، قال : أكما يقول ذو اليدين ؟ قالوا : نعم ، فتقدم ، فصلى ركعتين ، ثم سلم ، ثم سجد سجدتي السهو }انتهى . صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني صلاة فسها فيها ، فسلم في الركعتين ، فقال له رجل ، يقال له
وأخرجه أبو داود أيضا عن أحمد بن محمد بن ثابت عن به ، وأخرجه أبي أسامة في " صحيحه " عن ابن خزيمة أبي كريب وبشر بن خالد العسكري [ ص: 81 ] عن به ، وأخرجه أبي أسامة عن الدارقطني أحمد بن سنان القطان وهو من الثقات الأثبات ثنا به ، قال أبو أسامة : ولا نعلم حدث به غير الدارقطني أحمد بن سنان القطان وهو من الثقات الأثبات والعجب من ، وعلو مرتبته ، كيف يقول مثل هذا ، وقد رواه الدارقطني أبو كريب وأحمد بن ثابت وبشر بن خالد ، كما قدمناه ، ولكن تخلص بقوله : لا نعلم والله أعلم ولأصحابنا عن حديث ذي اليدين جوابان : أحدهما : أنه منسوخ بحديث ، وحديث زيد بن أرقم . ابن مسعود
فحديث : أخرجه زيد بن أرقم البخاري عنه ، قال : { ومسلم وقوموا لله قانتين } ، فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام }. انتهى . كنا نتكلم في الصلاة ، يكلم الرجل صاحبه ، وهو إلى جنبه في الصلاة ، حتى نزلت : {
وحديث أيضا أخرجاه عنه ، قال : { ابن مسعود سلمنا عليه ، فلم يرد علينا ، فقلنا : يا رسول الله ، كنا نسلم عليك ، فترد علينا ، فقال : إن في الصلاة شغلا النجاشي }. انتهى . كنا نسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة ، فيرد علينا ، فلما رجعنا من عند
أخرجاه عن إبراهيم عن علقمة عنه ، وأخرجه أبو داود عن عن عاصم بن أبي النجود أبي وائل عنه ، قال : { }انتهى . كنا نسلم في الصلاة ، ونأمر بحاجتنا ، فقدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ، فسلمت عليه ، فلم يرد علي السلام ، فأخذني ما قدم وما حدث ، فلما قضى الصلاة ، قلت : يا رسول الله : إنك كنت ترد علينا ، قال : إن الله يحدث من أمره ما يشاء ، وأنه قد أحدث أن لا تكلموا في الصلاة
وكذلك رواه في " صحيحه " ، قال ابن حبان : ورواه جماعة من الأئمة عن البيهقي ، وتداوله الفقهاء ، إلا أن صاحبي الصحيح يتوقيان رواية عاصم بن أبي النجود ، لسوء حفظه ، فأخرجاه من طريق آخر ببعض معناه . انتهى . عاصم
قال أصحابنا : وذو اليدين قتل يوم بدر ، وقد قال : إن قصة الزهري ذي اليدين في الصلاة كانت قبل بدر ، وإسلام كان عام أبي هريرة خيبر بعد بدر بخمس سنين ، ولا يمتنع كون رواه ، وهو متأخر الإسلام عن أبي هريرة بدر ، لأن الصحابي قد يروي ما لا يحضره بأن يسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم أو من صحابي آخر ، وأجاب في " المعرفة " بأن البيهقي شهد قصة أبا هريرة ذي اليدين في الصلاة ، وحضرها ، كما ورد في " الصحيحين " عنه ، قال : { صلى بنا رسول الله [ ص: 82 ] صلى الله عليه وسلم } ، وفي لفظ : { }قال : والذي قتل بينا نحن نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشي ، ببدر إنما هو ذو الشمالين ، اسمه " عمير بن عمرو " خزاعي ، قال : وقد أجمعوا على أن إسلام كان عام أبي هريرة خيبر سنة سبع ، بعد بدر بخمس سنين . انتهى .
وقال في " المعرفة " أيضا : وهم البيهقي في قوله : الزهري ذو الشمالين ، وإنما هو ذو اليدين ، وذو الشمالين تقدم موته فيمن قتل ببدر ، وذو اليدين بقي بعد النبي صلى الله عليه وسلم فيما يقال ، وقال في موضع آخر : وذو الشمالين ، هو ابن عبد عمرو بن نضلة ، حليف لبني زهرة ، من خزاعة ، استشهد يوم بدر ، هكذا ذكره ، وسائر أهل العلم بالمغازي ، قال عروة بن الزبير : لا عقب له ، وأما ابن إسحاق ذو اليدين ، فقال يحيى بن كثير : في حديثه رجل من بني سليم ، وشعيب بن مطير يروي عن أبيه عن ذي اليدين .
قال : وليس في حديث البيهقي ، كنا نتكلم في الصلاة ، دلالة على أنه بعد حديث زيد بن أرقم ذي اليدين ، لأن من متقدمي الصحابة ، روي عنه أنه قال : { زيد بن أرقم إنما صحب النبي صلى الله عليه وسلم وأبو هريرة بخيبر ، وصحبه ثلاث سنين ، أو أربعا } ، روي عن غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع عشرة غزوة ، ، قال : سمعت { قيس بن أبي حازم ، يقول : صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث سنين ، أبا هريرة } فقد شهد وابن مسعود بدرا ، لأنه هاجر إلى الحبشة ، ثم رجع إلى مكة ، ثم رجع إلى المدينة ، وشهد بدرا ، ذكره في " مغازيه " ، وهي أصح المغازي عند أهل الحديث : روى موسى بن عقبة عبد الله بن عتبة عن { ، قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عبد الله بن مسعود ، وهم ثمانون رجلا النجاشي } ، فذكر القصة وفي آخرها : فبادر ، وجاء فشهد ابن مسعود بدرا ، وحديث ، في قصة أبي هريرة ذي اليدين ، كان بعد ذلك ، ، قال وعمران بن حصين الحميدي ، وهو أحد أركان الحديث : كان إسلامه بعد بدر ، وقد حضر صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وقوله : الخرباق ، كان إسلامه قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بشهرين ، وقد حضر قصة ومعاوية بن حديج ، وروينا عن طلحة بن عبيد الله الأوزاعي ، قال : كان إسلام معاوية بن الحكم في آخر الأمر ، { } ، وقوله : { فلم يأمره عليه السلام بإعادة الصلاة } ، أي الكلام العمد الذي يمكن الاحتراز منه ، وحديث إن الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس ذي اليدين في كلام السهو .
قال : والدليل على عدم النسخ ما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأسند إلى { عطاء أن صلى بهم ركعتين من المغرب ، ثم سلم ، ثم قام إلى الحجر ليستلمه ، فسبح به القوم ، فالتفت إلينا ، وقال : ما أتممنا الصلاة ؟ فقلنا برءوسنا : لا ، فرجع فصلى الركعة الباقية ، ثم سجد سجدتين ، فذكر ذلك ابن الزبير ، فقال : ما أماط عن سنة نبيه صلى الله عليه وسلم لابن عباس }انتهى كلامه . [ ص: 83 ] وقال السهيلي في " الروض الأنف " : روى حديث التسليم من الركعتين ، وقال فيه : { الزهري ذو الشمالين ، رجل من بني زهرة ، فقال : أقصرت الصلاة ، أم نسيت ؟ فقال عليه السلام : أصدق ذو اليدين }؟ " لم يروه أحد هكذا إلا فقام ، وهو غلط عند أهل الحديث ، وإنما هو الزهري ذو اليدين السلمي ، واسمه " خرباق وذو الشمالين " ، قتل ببدر ، والحديث شهده ، وكان إسلامه بعد أبو هريرة بدر بسنتين ومات ذو اليدين السلمي في خلافة ، وروى هذا الحديث عنه ابنه معاوية مطير بن الخرباق ، ورواه عن مطير ابنه شعيب بن مطير ، ولما رأى حديث المبرد ، قال : الزهري ذو اليدين ، هو ذو الشمالين ، كان يسمى بهما جميعا ، ذكره في آخر " كتابه الكامل " ، وجهل ما قاله أهل الحديث والسير . انتهى .
قلت : وهكذا قال ابن سعد في " الطبقات " : ذو اليدين ، ويقال : ذو الشمالين ، اسمه عمير بن عمرو بن نضلة من خزاعة . انتهى . الجواب الثاني لأصحابنا : عن ذي اليدين ، قالوا : إنه كان قبل تحريم الكلام في الصلاة ، بدليل أن أبا بكر وغيرهما من الناس تكلموا عامدين ، وأجاب وعمر عن هذا بأمرين : أحدهما : أنهم لم يتكلموا ، ولكنهم أشاروا ، وقع ذلك في رواية الخطابي عن حماد بن زيد أيوب ، أنهم أومؤوا ، أي نعم ، ورواية من روى أنهم قالوا : نعم ، إنما هو تجوز ، ونقل بالمعنى ، كما يقول الرجل : قلت برأسي : نعم . الثاني : أن ذلك من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم وكل كلام كان جوابا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فغير منسوخ جوازه في الصلاة ، يدل عليه حديث { أبي سعيد بن المعلى ، قال : كنت أصلي في المسجد ، فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أجبه ، ثم أتيته ، فقلت : يا رسول الله إني كنت أصلي ، فقال : ألم يقل الله : { استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم } }؟ وإذا ثبت أن جواب الرسول واجب ، لم يبطل . انتهى .
وقال الشيخ تقي الدين في " الإمام " : وبهذا الحديث استدل من قال : إن لا يبطل . انتهى ، والله أعلم . وقال المتكلم بكلام واجب عليه : تحريم الكلام إنما كان ابن حبان بمكة ، فلما بلغ المسلمون بالمدينة سكتوا ، فقال ، وهو من أهل زيد بن أرقم المدينة ، يحكي الحال : { وقوموا لله قانتين }فأمرنا بالسكوت } ، وقال كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت { : نسخ الكلام بعد الهجرة بمدة يسيرة ، وعلى القولين ; قد [ ص: 84 ] كان ذاك قبل إسلام الخطابي بسنين . انتهى ، والله أعلم . أبي هريرة
{ حديث آخر } للخصوم : عن رضي الله عنه : { معاوية بن حديج ، فأقام الصلاة ، فصلى للناس ركعة ، فأخبرت بذلك الناس ، فقالوا لي : أتعرف الرجل ؟ قلت : لا ، إلا أن أراه ، فمر بي ، فقلت : هذا هو ، فقالوا : هذا بلالا طلحة بن عبيد الله }. انتهى . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى يوما ، فسلم ، وقد بقيت من الصلاة ركعة ، فأدركه رجل ، فقال : نسيت من الصلاة ركعة ، فرجع ، فدخل المسجد ، وأمر
رواه أبو داود والنسائي في " المستدرك " ، وقال : صحيح الإسناد . قال والحاكم النووي في " الخلاصة " : قالوا : كان إسلام هذا قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بشهرين ، قال : واعلم أنه قد جاء في رواية معاوية لقصة أبي هريرة ذي اليدين أنها صلاة الظهر ، وفي رواية أنها صلاة العصر ، كما سبق في " الصحيح " ، قال المحققون : هما قضيتان ، ورواية قضية ، وغيرهما أخرى . وكذلك رواية عمران بن الحصين ، معاوية بن حديج وذو اليدين ، اسمه : الخرباق ، وكنيته : أبو العريان ، عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم زمانا ، وأما ذو الشمالين ، فهو عمير بن عمرو الخزاعي ، قتل يوم بدر شهيدا ، وهو غير المتكلم في حديث السهو . هذا قول جميع الحفاظ ، إلا الزهري ، وقد اتفقوا على تغليط الزهري في ذلك ، والله أعلم انتهى كلامه .
الحديث السادس والسبعون : قال المصنف : ومفزعه " يعني " الحديث المعروف ، قلت : يشير إلى قوله عليه السلام : { الشافعي }وهذا لا يوجد بهذا اللفظ ، وإن كان الفقهاء كلهم لا يذكرونه إلا بهذا اللفظ ، وأقرب ما وجدناه بلفظ : { رفع عن أمتي الخطأ والنسيان } ، رواه رفع الله عن هذه الأمة ثلاثا ابن عدي في " الكامل " من حديث أبي بكرة ، وسيأتي وأكثر ما يروى بلفظ : { } ، هكذا روي من حديث إن الله تجاوز لأمتي عن الخطأ والنسيان . ابن عباس وأبي ذر وثوبان وأبي الدرداء وابن عمر وأبي بكرة . أما حديث ، فأخرجه ابن عباس في " سننه في الطلاق " عن ابن ماجه الأوزاعي عن عن عطاء بن أبي رباح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { ابن عباس }. انتهى . إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه
ورواه في " صحيحه " في النوع الثامن والستين ، من القسم الثالث عن ابن حبان عن عطاء بن أبي رباح عن عبيد بن عمير مرفوعا ، وكذلك ابن عباس في " المستدرك في الطلاق " ، وقال : صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه . انتهى . الحاكم
وأما حديث ، فرواه أبي ذر أيضا حدثنا ابن ماجه إبراهيم بن محمد بن يوسف الفريابي ثنا ثنا أيوب بن سويد عن أبو بكر الهذلي عن شهر بن حوشب ، مرفوعا نحوه ، سواء . [ ص: 76 ] وأما حديث أبي ذر الغفاري ، فرواه ثوبان في " معجمه " حدثنا الطبراني أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة ثنا إسحاق بن إبراهيم أبو النضر ثنا يزيد بن ربيعة ثنا أبو الأشعث عن مرفوعا ، نحوه ، قلت : لفظه : { ثوبان }. إن الله تجاوز عن أمتي ثلاثة : الخطأ والنسيان وما أكرهوا عليه
وأما حديث ، فرواه أبي الدرداء أيضا حدثنا الطبراني عبدان بن أحمد ثنا ثنا هشام بن عمار عن إسماعيل بن عياش عن أبي بكر الهذلي عن شهر بن حوشب عن أم الدرداء مرفوعا نحوه . قلت : لفظه : { أبي الدرداء }. وأما حديث إن الله تجاوز لأمتي عن النسيان وما أكرهوا عليه ، فرواه ابن عمر أبو نعيم في " الحلية في ترجمة " : حدثنا مالك الحسن بن أحمد بن صالح السبيعي ثنا عبد الله بن الصفر السكري ثنا محمد بن المصفى ثنا ثنا الوليد بن مسلم عن مالك عن نافع عن النبي ، قال : { ابن عمر }. انتهى . إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه
وقال : غريب من حديث ، تفرد به مالك ابن مصفى عن الوليد . انتهى .
وأخرجه في " كتابه " ، وأعله العقيلي بابن المصفى ، وضعفه عن . وأما حديث أحمد أبي بكرة ، فرواه ابن عدي في " الكامل " عن جعفر بن جسر بن فرقد حدثني أبي عن الحسن به ، عن أبي بكرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { } ، قال رفع الله عن هذه الأمة ثلاثا : الخطأ والنسيان والأمر يكرهون عليه الحسن : قول باللسان ، فأما اليد ، فلا . انتهى .
وعده ابن عدي من منكرات جعفر هذا ، قال : ولم أر للمتكلمين في الرجال فيه قولا . ولا أدري لما غفلوا عنه ، ولعله إنما هو من قبل أبيه ، فإن أباه قد تكلم فيه بعض من تقدم ، لأني لم أر جعفرا يروي عن غير أبيه انتهى .
قال ابن أبي حاتم في " علله " : سألت أبي عن حديث رواه عن الوليد بن مسلم الأوزاعي عن عن عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم : { ابن عباس }. إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما [ ص: 77 ] استكرهوا عليه
وعن الوليد عن عن مالك عن نافع مثله ، وعن ابن عمر الوليد عن عن ابن لهيعة عن موسى بن وردان عامر مثله ، فقال أبي : هذه أحاديث منكرة ، كأنها موضوعة ، ولا يصح هذا الحديث ، ولا يثبت إسناده . انتهى .
الحديث السابع والسبعون : قال عليه السلام : { } ، قلت : رواه إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء [ ص: 78 ] من كلام الناس ، وإنما هي التسبيح والتهليل وقراءة القرآن في " صحيحه " من حديث { مسلم معاوية بن الحكم السلمي ، قال : بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم ، فقلت له : يرحمك الله ، فرماني القوم بأبصارهم ، فقلت : وا ثكل أمياه ، ما شأنكم تنظرون إلي ؟ فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم ، فلما رأيتهم يصمتوني ، لكني سكت ، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبأبي هو وأمي ، ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه ، فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني ، ثم قال : إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس ، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن }الحديث بطوله ، { وللبيهقي } ، قال إنما هي النووي في " الخلاصة " : بسند صحيح ، وفي لفظ في " معجمه " : { للطبراني }وبوب عليه إن صلاتنا لا يحل فيها شيء من كلام الناس ، " باب نسخ الكلام في الصلاة " : مسلم والمصنف استدل بهذا الحديث على أن الكلام مبطل للصلاة .
وللخصم عنه جوابان : أحدهما : إن قوله : " لا يصلح " ليس دالا على البطلان ، ولكن معناه أنه محظور ، وليس كل محظور مبطلا . الثاني : قالوا : إنه لم يأمره بالإعادة ، وإنما علمه أحكام الصلاة . انتهى .
أحاديث الباب : أخرج البخاري عن { ومسلم ، قال : أرسلني رسول الله [ ص: 79 ] صلى الله عليه وسلم وهو منطلق إلى جابر بني المصطلق ، فأتيته ، وهو يصلي على بعيره ، فكلمته ، فقال لي بيده ، وأومأ زهير بيمينه . ثم كلمته ، فقال لي : هكذا ، وأنا أسمعه يقرأ ، يومئ برأسه ، فلما فرغ ، قال : ما فعلت في الذي أرسلتك له ؟ فإنه لم يمنعني أن أكلمك إلا أني كنت أصلي }انتهى .
{ حديث آخر } : أخرجه في " سننه " عن الدارقطني أبي شيبة عن يزيد أبي خالد الدالاني عن عن أبي سفيان ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { جابر }. انتهى . وهو حديث ضعيف فيه الكلام ينقض الصلاة ، ولا ينقض الوضوء أبو شيبة إبراهيم بن عثمان جد الإمام أبي بكر بن أبي شيبة ، وقد ضعفه غير واحد . وفيه يزيد الدالاني أيضا ، قال : لا يجوز الاحتجاج به ، إذا انفرد . قال ابن حبان : والصحيح في هذا الحديث موقوف ، ورواه البيهقي أبو شيبة إبراهيم بن عثمان ، فرفعه ، وهو ضعيف . انتهى .
أحاديث الخصوم : حديث ذي اليدين ، وقد روي : من حديث ، ومن حديث أبي هريرة ، ومن حديث عمران بن حصين . فحديث ابن عمر : أخرجه أبي هريرة البخاري عن ومسلم عن { محمد بن سيرين ، قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشي : إما الظهر وإما العصر ، فسلم في ركعتين ، ثم أتى جذعا في قبلة المسجد ، فاستند إليها مغضبا ، وفي القوم أبي هريرة أبو بكر ، فهابا أن يتكلما ، وخرج سرعان الناس ، فقام وعمر ذو اليدين ، فقال : يا رسول الله أقصرت الصلاة ، أم نسيت ؟ فقال : ما يقول ذو اليدين ؟ قالوا : صدق ، لم تصل إلا الركعتين ، فصلى ركعتين ، وسلم ، ثم سجد سجدتين ، ثم سلم } ، وفي رواية ، قال : { للبخاري } ، وفي رواية لهما ، قال : { لم أنس ، ولم تقصر }. وفي رواية كل ذلك لم يكن ، قال : قد كان بعض ذلك ، { للبخاري ذو اليدين ، فقال : يا رسول الله أنسيت ، أم قصرت ؟ }. وفي لفظ لهما : { فقام رجل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوه } ، وفي لفظ لهما : { صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العصر بني سليم } ، ورواه صلى ركعتين من صلاة الظهر ، ثم [ ص: 80 ] سلم ، فأتاه رجل من في " صحيحه " في النوع السابع عشر ، من القسم الخامس ، ولفظه : قال : { ابن حبان ذو الشمالين بن عبد عمرو ، حليف لبني زهرة : أخففت الصلاة ، أم نسيت يا رسول الله ؟ فقال عليه السلام : ما يقول ذو اليدين ؟ قالوا : يا نبي الله ، صدق ، قال : فأتم بهم الركعتين اللتين نقصهما ، ثم سلم }. صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : الظهر أو العصر ، فسلم في الركعتين ، فقال
قال : كان هذا قبل الزهري بدر . ثم استحكمت الأمور بعد . انتهى .
ورواه في " الموطإ " مالك عن مالك ابن شهاب الزهري عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة ، قال : بلغني أن { ذو الشمالين ، رجل من بني زهرة بن كلاب : أقصرت الصلاة يا رسول الله ، أم نسيت ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما قصرت الصلاة ، وما نسيت ، فقال له ذو الشمالين : قد كان بعض ذلك يا رسول الله ، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس ، فقال : أصدق ذو اليدين ؟ قالوا : نعم ، فأتم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بقي من الصلاة ، ثم سلم }. انتهى . رسول الله صلى الله عليه وسلم ركع ركعتين من إحدى صلاتي النهار : الظهر أو العصر ، فسلم من اثنتين ، فقال له
قال في " التقصي " : هذا مرسل ، إلا أنه يتصل من وجوه صحاح . انتهى . ابن عبد البر
وأما حديث : فأخرجه عمران بن حصين البخاري أيضا عنه : { ومسلم الخرباق ، وكان في يديه طول ، فقال : يا رسول الله ، فذكر له صنيعه ، فقال : أصدق هذا ؟ قالوا : نعم ، فصلى ركعة ، ثم سلم ، ثم سجد سجدتين ، ثم سلم } ، وفي لفظ لهما : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى العصر ، فسلم في ثلاث ركعات ، ثم دخل منزله ، فقام إليه رجل ، يقال له : } ، الحديث . فقام رجل بسيط اليدين
وأما حديث ، فأخرجه ابن عمر أبو داود عن وابن ماجه أبي كريب الهمداني عن عن أبي أسامة عن عبيد الله بن عمر عن نافع ، قال : { ابن عمر ذو اليدين : يا رسول الله أقصرت الصلاة ، أم نسيت ؟ فقال : ما قصرت ، ولا نسيت ، قال : إنك صليت ركعتين ، قال : أكما يقول ذو اليدين ؟ قالوا : نعم ، فتقدم ، فصلى ركعتين ، ثم سلم ، ثم سجد سجدتي السهو }انتهى . صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني صلاة فسها فيها ، فسلم في الركعتين ، فقال له رجل ، يقال له
وأخرجه أبو داود أيضا عن أحمد بن محمد بن ثابت عن به ، وأخرجه أبي أسامة في " صحيحه " عن ابن خزيمة أبي كريب وبشر بن خالد العسكري [ ص: 81 ] عن به ، وأخرجه أبي أسامة عن الدارقطني أحمد بن سنان القطان وهو من الثقات الأثبات ثنا به ، قال أبو أسامة : ولا نعلم حدث به غير الدارقطني أحمد بن سنان القطان وهو من الثقات الأثبات والعجب من ، وعلو مرتبته ، كيف يقول مثل هذا ، وقد رواه الدارقطني أبو كريب وأحمد بن ثابت وبشر بن خالد ، كما قدمناه ، ولكن تخلص بقوله : لا نعلم والله أعلم ولأصحابنا عن حديث ذي اليدين جوابان : أحدهما : أنه منسوخ بحديث ، وحديث زيد بن أرقم . ابن مسعود
فحديث : أخرجه زيد بن أرقم البخاري عنه ، قال : { ومسلم وقوموا لله قانتين } ، فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام }. انتهى . كنا نتكلم في الصلاة ، يكلم الرجل صاحبه ، وهو إلى جنبه في الصلاة ، حتى نزلت : {
وحديث أيضا أخرجاه عنه ، قال : { ابن مسعود سلمنا عليه ، فلم يرد علينا ، فقلنا : يا رسول الله ، كنا نسلم عليك ، فترد علينا ، فقال : إن في الصلاة شغلا النجاشي }. انتهى . كنا نسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة ، فيرد علينا ، فلما رجعنا من عند
أخرجاه عن إبراهيم عن علقمة عنه ، وأخرجه أبو داود عن عن عاصم بن أبي النجود أبي وائل عنه ، قال : { }انتهى . كنا نسلم في الصلاة ، ونأمر بحاجتنا ، فقدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ، فسلمت عليه ، فلم يرد علي السلام ، فأخذني ما قدم وما حدث ، فلما قضى الصلاة ، قلت : يا رسول الله : إنك كنت ترد علينا ، قال : إن الله يحدث من أمره ما يشاء ، وأنه قد أحدث أن لا تكلموا في الصلاة
وكذلك رواه في " صحيحه " ، قال ابن حبان : ورواه جماعة من الأئمة عن البيهقي ، وتداوله الفقهاء ، إلا أن صاحبي الصحيح يتوقيان رواية عاصم بن أبي النجود ، لسوء حفظه ، فأخرجاه من طريق آخر ببعض معناه . انتهى . عاصم
قال أصحابنا : وذو اليدين قتل يوم بدر ، وقد قال : إن قصة الزهري ذي اليدين في الصلاة كانت قبل بدر ، وإسلام كان عام أبي هريرة خيبر بعد بدر بخمس سنين ، ولا يمتنع كون رواه ، وهو متأخر الإسلام عن أبي هريرة بدر ، لأن الصحابي قد يروي ما لا يحضره بأن يسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم أو من صحابي آخر ، وأجاب في " المعرفة " بأن البيهقي شهد قصة أبا هريرة ذي اليدين في الصلاة ، وحضرها ، كما ورد في " الصحيحين " عنه ، قال : { صلى بنا رسول الله [ ص: 82 ] صلى الله عليه وسلم } ، وفي لفظ : { }قال : والذي قتل بينا نحن نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشي ، ببدر إنما هو ذو الشمالين ، اسمه " عمير بن عمرو " خزاعي ، قال : وقد أجمعوا على أن إسلام كان عام أبي هريرة خيبر سنة سبع ، بعد بدر بخمس سنين . انتهى .
وقال في " المعرفة " أيضا : وهم البيهقي في قوله : الزهري ذو الشمالين ، وإنما هو ذو اليدين ، وذو الشمالين تقدم موته فيمن قتل ببدر ، وذو اليدين بقي بعد النبي صلى الله عليه وسلم فيما يقال ، وقال في موضع آخر : وذو الشمالين ، هو ابن عبد عمرو بن نضلة ، حليف لبني زهرة ، من خزاعة ، استشهد يوم بدر ، هكذا ذكره ، وسائر أهل العلم بالمغازي ، قال عروة بن الزبير : لا عقب له ، وأما ابن إسحاق ذو اليدين ، فقال يحيى بن كثير : في حديثه رجل من بني سليم ، وشعيب بن مطير يروي عن أبيه عن ذي اليدين .
قال : وليس في حديث البيهقي ، كنا نتكلم في الصلاة ، دلالة على أنه بعد حديث زيد بن أرقم ذي اليدين ، لأن من متقدمي الصحابة ، روي عنه أنه قال : { زيد بن أرقم إنما صحب النبي صلى الله عليه وسلم وأبو هريرة بخيبر ، وصحبه ثلاث سنين ، أو أربعا } ، روي عن غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع عشرة غزوة ، ، قال : سمعت { قيس بن أبي حازم ، يقول : صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث سنين ، أبا هريرة } فقد شهد وابن مسعود بدرا ، لأنه هاجر إلى الحبشة ، ثم رجع إلى مكة ، ثم رجع إلى المدينة ، وشهد بدرا ، ذكره في " مغازيه " ، وهي أصح المغازي عند أهل الحديث : روى موسى بن عقبة عبد الله بن عتبة عن { ، قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عبد الله بن مسعود ، وهم ثمانون رجلا النجاشي } ، فذكر القصة وفي آخرها : فبادر ، وجاء فشهد ابن مسعود بدرا ، وحديث ، في قصة أبي هريرة ذي اليدين ، كان بعد ذلك ، ، قال وعمران بن حصين الحميدي ، وهو أحد أركان الحديث : كان إسلامه بعد بدر ، وقد حضر صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وقوله : الخرباق ، كان إسلامه قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بشهرين ، وقد حضر قصة ومعاوية بن حديج ، وروينا عن طلحة بن عبيد الله الأوزاعي ، قال : كان إسلام معاوية بن الحكم في آخر الأمر ، { } ، وقوله : { فلم يأمره عليه السلام بإعادة الصلاة } ، أي الكلام العمد الذي يمكن الاحتراز منه ، وحديث إن الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس ذي اليدين في كلام السهو .
قال : والدليل على عدم النسخ ما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأسند إلى { عطاء أن صلى بهم ركعتين من المغرب ، ثم سلم ، ثم قام إلى الحجر ليستلمه ، فسبح به القوم ، فالتفت إلينا ، وقال : ما أتممنا الصلاة ؟ فقلنا برءوسنا : لا ، فرجع فصلى الركعة الباقية ، ثم سجد سجدتين ، فذكر ذلك ابن الزبير ، فقال : ما أماط عن سنة نبيه صلى الله عليه وسلم لابن عباس }انتهى كلامه . [ ص: 83 ] وقال السهيلي في " الروض الأنف " : روى حديث التسليم من الركعتين ، وقال فيه : { الزهري ذو الشمالين ، رجل من بني زهرة ، فقال : أقصرت الصلاة ، أم نسيت ؟ فقال عليه السلام : أصدق ذو اليدين }؟ " لم يروه أحد هكذا إلا فقام ، وهو غلط عند أهل الحديث ، وإنما هو الزهري ذو اليدين السلمي ، واسمه " خرباق وذو الشمالين " ، قتل ببدر ، والحديث شهده ، وكان إسلامه بعد أبو هريرة بدر بسنتين ومات ذو اليدين السلمي في خلافة ، وروى هذا الحديث عنه ابنه معاوية مطير بن الخرباق ، ورواه عن مطير ابنه شعيب بن مطير ، ولما رأى حديث المبرد ، قال : الزهري ذو اليدين ، هو ذو الشمالين ، كان يسمى بهما جميعا ، ذكره في آخر " كتابه الكامل " ، وجهل ما قاله أهل الحديث والسير . انتهى .
قلت : وهكذا قال ابن سعد في " الطبقات " : ذو اليدين ، ويقال : ذو الشمالين ، اسمه عمير بن عمرو بن نضلة من خزاعة . انتهى . الجواب الثاني لأصحابنا : عن ذي اليدين ، قالوا : إنه كان قبل تحريم الكلام في الصلاة ، بدليل أن أبا بكر وغيرهما من الناس تكلموا عامدين ، وأجاب وعمر عن هذا بأمرين : أحدهما : أنهم لم يتكلموا ، ولكنهم أشاروا ، وقع ذلك في رواية الخطابي عن حماد بن زيد أيوب ، أنهم أومؤوا ، أي نعم ، ورواية من روى أنهم قالوا : نعم ، إنما هو تجوز ، ونقل بالمعنى ، كما يقول الرجل : قلت برأسي : نعم . الثاني : أن ذلك من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم وكل كلام كان جوابا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فغير منسوخ جوازه في الصلاة ، يدل عليه حديث { أبي سعيد بن المعلى ، قال : كنت أصلي في المسجد ، فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أجبه ، ثم أتيته ، فقلت : يا رسول الله إني كنت أصلي ، فقال : ألم يقل الله : { استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم } }؟ وإذا ثبت أن جواب الرسول واجب ، لم يبطل . انتهى .
وقال الشيخ تقي الدين في " الإمام " : وبهذا الحديث استدل من قال : إن لا يبطل . انتهى ، والله أعلم . وقال المتكلم بكلام واجب عليه : تحريم الكلام إنما كان ابن حبان بمكة ، فلما بلغ المسلمون بالمدينة سكتوا ، فقال ، وهو من أهل زيد بن أرقم المدينة ، يحكي الحال : { وقوموا لله قانتين }فأمرنا بالسكوت } ، وقال كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت { : نسخ الكلام بعد الهجرة بمدة يسيرة ، وعلى القولين ; قد [ ص: 84 ] كان ذاك قبل إسلام الخطابي بسنين . انتهى ، والله أعلم . أبي هريرة
{ حديث آخر } للخصوم : عن رضي الله عنه : { معاوية بن حديج ، فأقام الصلاة ، فصلى للناس ركعة ، فأخبرت بذلك الناس ، فقالوا لي : أتعرف الرجل ؟ قلت : لا ، إلا أن أراه ، فمر بي ، فقلت : هذا هو ، فقالوا : هذا بلالا طلحة بن عبيد الله }. انتهى . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى يوما ، فسلم ، وقد بقيت من الصلاة ركعة ، فأدركه رجل ، فقال : نسيت من الصلاة ركعة ، فرجع ، فدخل المسجد ، وأمر
رواه أبو داود والنسائي في " المستدرك " ، وقال : صحيح الإسناد . قال والحاكم النووي في " الخلاصة " : قالوا : كان إسلام هذا قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بشهرين ، قال : واعلم أنه قد جاء في رواية معاوية لقصة أبي هريرة ذي اليدين أنها صلاة الظهر ، وفي رواية أنها صلاة العصر ، كما سبق في " الصحيح " ، قال المحققون : هما قضيتان ، ورواية قضية ، وغيرهما أخرى . وكذلك رواية عمران بن الحصين ، معاوية بن حديج وذو اليدين ، اسمه : الخرباق ، وكنيته : أبو العريان ، عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم زمانا ، وأما ذو الشمالين ، فهو عمير بن عمرو الخزاعي ، قتل يوم بدر شهيدا ، وهو غير المتكلم في حديث السهو . هذا قول جميع الحفاظ ، إلا الزهري ، وقد اتفقوا على تغليط الزهري في ذلك ، والله أعلم انتهى كلامه .