الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      فلذلك فادع واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب وأمرت لأعدل بينكم الله ربنا وربكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لا حجة بيننا وبينكم الله يجمع بيننا وإليه المصير

                                                                                                                                                                                                                                      فلذلك أي: فلأجل ما ذكر من التفرق والشك المريب أو فلأجل أنه شرع لهم الدين القويم القديم الحقيق بأن يتنافس فيه المتنافسون. فادع أي: الناس كافة إلى إقامة ذلك الدين والعمل بموجبه فإن كلا من تفرقهم وكونهم في شك مريب ومن شرع ذلك الدين لهم على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم سبب للدعوة إليه والأمر بها، وليس المشار إليه ما ذكر من التوصية والأمر بالإقامة والنهي عن التفرق حتى يتوهم شائبة التكرار. وقيل: المشار إليه: نفس الدين المشروع، واللام بمعنى إلى كما في قوله تعالى: بأن ربك أوحى لها أي: فإلى ذلك الدين فادع. واستقم عليه وعلى الدعوة إليه. كما أمرت وأوحي إليك. ولا تتبع أهواءهم الباطلة. وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب أي كتاب كان من الكتب المنزلة لا كالذين آمنوا ببعض منها وكفروا ببعض، وفيه تحقيق للحق وبيان لاتفاق الكتب في الأصول وتأليف لقلوب أهل الكتابين وتعريض بهم، وقد مر بيان كيفية الإيمان بها في خاتمة سورة البقرة. وأمرت لأعدل بينكم في تبليغ الشرائع والأحكام وفصل القضايا عند المحاكمة والخصام. وقيل: معناه: لا سوى بيني وبينكم ولا آمركم بما لا أعمله ولا أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه ولا أفرق بين أكابركم وأصاغركم، واللام إما على حقيقتها ، والمأمور به محذوف أي: أمرت بذلك لأعدل، أو زائدة أي: أمرت أن أعدل والباء محذوفة. الله ربنا وربكم أي: خالقنا جميعا ومتولي أمورنا. لنا أعمالنا لا يتخطانا جزاؤها ثوابا كان [ ص: 28 ] أو عقابا. ولكم أعمالكم لا تجاوزكم آثارها لنستفيد بحسناتكم ونتضرر بسيئاتكم. لا حجة بيننا وبينكم لا محاجة ولا خصومة لأن الحق قد ظهر ولم يبق للمحاجة حاجة ولا للمخالفة محل سوى المكابرة. الله يجمع بيننا يوم القيامة. وإليه المصير فيظهر هناك حالنا وحالكم وهذا كما ترى محاجزة في مواقف المجاوبة لا متاركة في مواطن المحاربة حتى يصار إلى النسخ بآية القتال.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية