الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في الخلافة

                                                                                                          2225 حدثنا يحيى بن موسى حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال قيل لعمر بن الخطاب لو استخلفت قال إن أستخلف فقد استخلف أبو بكر وإن لم أستخلف لم يستخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو عيسى وفي الحديث قصة وهذا حديث صحيح قد روي من غير وجه عن ابن عمر

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( لو استخلفت ) لو للتمني أو جوابه محذوف أي لكان خيرا ( إن أستخلف فقد استخلف أبو بكر وإن لم أستخلف لم يستخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ) قال النووي في شرح مسلم ، حاصله أن المسلمين أجمعوا على أن الخليفة إذا حضره مقدمات الموت ، وقبل ذلك يجوز له الاستخلاف ويجوز له تركه ، فإن تركه فقد اقتدى بالنبي صلى الله عليه وسلم في هذا وإلا فقد اقتدى بأبي بكر ، وأجمعوا على انعقاد الخلافة بالاستخلاف ، وعلى انعقادها بعقد أهل الحل والعقد لإنسان إذا لم يستخلف الخليفة ، وأجمعوا على جواز جعل الخليفة الأمر شورى بين جماعة كما فعل عمر بالستة ، وأجمعوا على أنه يجب على المسلمين نصب خليفة ووجوبه بالشرع لا بالعقل ، وأما ما حكي عن الأصم أنه قال : لا يجب ، وعن غيره : أنه يجب بالعقل لا بالشرع فباطلان ، أما الأصم فمحجوج بإجماع من قبله ولا حجة له في بقاء الصحابة بلا خليفة في مدة التشاور يوم السقيفة وأيام الشورى بعد وفاة عمر رضي الله عنه ; لأنهم لم يكونوا تاركين لنصب الخليفة بل كانوا ساعين في النظر في أمر من يعقد له ، وأما القائل الآخر ففساد قوله ظاهر ; لأن العقل لا يوجب شيئا ولا يحسنه ولا يقبحه ، إنما يقع ذلك بحسب العادة لا بذاته ، وفي هذا الحديث دليل أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينص على خليفة ، وهو إجماع أهل السنة وغيرهم ، قال القاضي : وخالف في ذلك بكر بن أخت عبد الواحد فزعم أنه نص على أبي بكر ، وقال ابن راوندي : نص على العباس ، وقالت الشيعة والرافضة : على علي ، وهذه دعاوى باطلة وجسارة على الافتراء ووقاحة في مكابرة الحس ، وذلك لأن الصحابة رضي الله تعالى عنهم أجمعوا على اختيار أبي بكر وعلى تنفيذ عهده إلى عمر ، وعلى تنفيذ عهد عمر بالشورى ، ولم يخالف في شيء من هذا أحد ، ولم يدع علي ولا العباس ولا أبو بكر وصية في وقت من الأوقات وقد اتفق علي والعباس على جميع هذا من غير ضرورة مانعة من ذكر وصية لو كانت ، فمن زعم أنه كان لأحد منهم وصية فقد نسب الأمة إلى اجتماعها على الخطأ واستمرارها عليه ، وكيف يحل لأحد من أهل القبلة أن ينسب الصحابة إلى المواطأة على الباطل في كل هذه الأحوال ؟ [ ص: 398 ] ولو كان شيء لنقل فإنه من الأمور المهمة ، انتهى .

                                                                                                          قوله : ( وفي الحديث قصة طويلة ) أخرجها مسلم في صحيحه في أوائل كتاب الإمارة ، قوله : ( هذا حديث صحيح ) وأخرجه الشيخان .




                                                                                                          الخدمات العلمية