الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين

                                                                                                                                                                                                                                      وسارعوا عطف على "أطيعوا". وقرئ بغير واو على وجه الاستئناف، أي: بادروا وأقبلوا. وقرئ "سابقوا". إلى مغفرة من ربكم وجنة أي: إلى ما يؤدي إليهما، وقيل: إلى الإسلام. وقيل: إلى التوبة. وقيل: إلى الإخلاص. وقيل: إلى الجهاد. وقيل: إلى أداء جميع الواجبات وترك جميع المنهيات، فيدخل فيها ما مر من الأمور المأمور بها والمنهي عنها دخولا أوليا، وتقديم المغفرة على الجنة لما أن التخلية متقدمة على التحلية، و "من" متعلقة بمحذوف وقع صفة لـ "مغفرة" أي: كائنة من ربكم، والتعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضمير المخاطبين لإظهار مزيد اللطف بهم. وقوله تعالى: عرضها السماوات والأرض أي: كعرضهما صفة لـ"جنة" وتخصيص العرض بالذكر للمبالغة في وصفها بالسعة والبسطة على طريقة التمثيل، فإن العرض في العادة أدنى من الطول. وعن ابن عباس رضي الله عنهما: كسبع سموات وسبع أرضين لو وصل بعضها ببعض. أعدت للمتقين في حيز الجر على أنه صفة أخرى لـ "جنة" أو في محل النصب على الحالية منها لتخصصها بالصفة، أي: هيئت لهم، وفيه دليل على أن الجنة مخلوقة الآن وأنها خارجة عن هذا العالم .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية