الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  83 باب الفتيا وهو واقف على الدابة وغيرها

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  الكلام فيه على أنواع : الأول أن الباب مرفوع بأنه خبر مبتدأ محذوف مضاف إلى ما بعده ، وفيه حذف تقديره : هذا باب في بيان ما يستفتى به الشخص وهو واقف ، أي والحال أنه واقف على ظهر الدابة أو غيرها .

                                                                                                                                                                                  الثاني : أن الفتيا بضم الفاء اسم وكذلك الفتوى ، وهو الجواب في الحادثة ، يقال : استفتيت الفقيه في مسألة فأفتاني ، وتفاتوا إلى الفقيه ارتفعوا إليه في الفتيا ، وفي المحكم : أفتاه في الأمر أبانه له ، والفتي والفتيا والفتوى ما أفتى به الفقيه ، الفتح لأهل المدينة ، وقال الشيخ قطب الدين : الفتيا اسم ، ثم قال : ولم يجئ من المصادر على فعلى غير الفتيا والرجعى وبقيا ولقيا ، قلت : فيه نظران : أحدهما أنه قال أولا الفتيا اسم ثم قال مصدر ، والثاني : أنه قال لم يجئ من المصادر على فعلى ، يعني بضم الفاء غير هذه الأمثلة الأربعة ، وقد جاء العذرى بمعنى العذر ، والعسرى بمعنى العسر ، واليسرى بمعنى اليسر ، والعتبى بمعنى العتاب ، والحسنى بمعنى الإحسان ، والشورى بمعنى المشورة ، والرغبى بمعنى الرغبة ، والنهبى بمعنى الانتهاب ، وزلفى بمعنى التزلف وهو التقرب ، والبشرى بمعنى البشارة ، قوله “ على ظهر الدابة " وفي بعض النسخ على الدابة من دب على الأرض يدب دبيبا وكل ماش على الأرض دابة ودبيب ، والدابة [ ص: 88 ] التي تركب ، قاله في العباب ، وقال الكرماني : الدابة لغة : الماشية على الأرض ، وعرفا : الخيل والبغل والحمار ، وقال بعضهم وبعض أهل العرف : خصها بالحمار ، قلت : ليس كما قالا ، وإنما الدابة في العرف اسم لذات الأربع من الحيوان ، ولكن مراد البخاري ما قاله الصغاني : وهي الدابة التي تركب ، وأشار بهذا إلى جواز سؤال العالم وإن كان مشتغلا راكبا وماشيا وواقفا وعلى كل أحواله ، ولو كان في طاعة ، وقال بعض الشارحين : وليس في الحديث الذي أخرجه في الباب لفظ الدابة ليطابق ما بوب عليه ، وأجاب بعضهم بأنه أحال به على الطريق الأخرى التي أوردها في الحج فقال : كان على ناقته ، قلت : بعد هذا الجواب كبعد الثرى من الثريا ، وكيف يعقد باب بترجمة ثم يحال ما يطابق ذلك على حديث يأتي في باب آخر ، ويمكن أن يجاب بأن بين قوله " أو غيرها " أي أو غير الدابة ، وبين حديث الباب مطابقة لأن ما فيه وهو قوله " وقف في حجة الوداع بمنى للناس " أعم من أن يكون وقوفه على الأرض أو على الدابة ، ويكون ذكر لفظ الدابة إشارة إلى أنه في حديث الباب طريق أخرى فيها ذكر الدابة وهي قوله " كان على ناقته " .

                                                                                                                                                                                  الثالث : وجه المناسبة بين البابين من حيث إن المذكور في الباب الأول هو فضل العلم ، والمذكور في هذا الباب هو الفتيا وهو أيضا من العلم .



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية