الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              4646 (7) باب النهي عن التجسس والتنافس والظن السيئ وما يحرم على المسلم من المسلم

                                                                                              [ 2470 ] عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إياكم والظن ؛ فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا، ولا تجسسوا، ولا تنافسوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا" .

                                                                                              رواه أحمد ( 2 \ 245 )، والبخاري (6066)، ومسلم (2563) (28)، وأبو داود (4917).

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              (7) ومن باب : النهي عن التجسس

                                                                                              (قوله : " إياكم والظن ؛ فإن الظن أكذب الحديث ") الظن هنا هو التهمة ، ومحل التحذير والنهي إنما هو تهمة لا سبب لها يوجبها ، كمن يتهم بالفاحشة ، أو بشرب الخمر ولم يظهر عليه ما يقتضي ذلك . ودليل كون الظن هنا بمعنى التهمة قوله بعد هذا : " ولا تجسسوا ، ولا تحسسوا " ؛ وذلك أنه قد يقع له خاطر التهمة ابتداء فيريد أن يتجسس خبر ذلك ، ويبحث عنه ، ويتبصر ، ويستمع ليحقق ما وقع له من تلك التهمة ، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك . وقد جاء في بعض الحديث : " إذا ظننت فلا تحقق " وقال الله تعالى : وظننتم ظن السوء وكنتم قوما بورا [الفتح: 12] وذلك : أن المنافقين تطيروا برسول الله صلى الله عليه وسلم وبأصحابه حين انصرفوا إلى الحديبية فقالوا : إن محمدا وأصحابه أكلة رأس ، ولن يرجعوا إليكم أبدا .

                                                                                              [ ص: 535 ] فذلك ظنهم السيئ الذي وبخهم الله تعالى عليه ، وهو من نوع ما نهى الشرع عنه ، إلا أنه أقبح النوع .

                                                                                              فأما الظن الشرعي الذي هو تغليب أحد المجوزين ، أو بمعنى اليقين فغير مراد من الحديث ، ولا من الآية يقينا ، فلا يلتفت لمن استدل بذلك على إنكار الظن الشرعي ، كما قررناه في الأصول .

                                                                                              وقد اختلف في التجسس والتحسس ؟ هل هما بمعنى واحد ، أو بمعنيين ؟ والثاني أشهر . فقيل : هو بالجيم : البحث عن بواطن الأمور ، وأكثر ما يكون في الشر ، ومنه : الجاسوس ، وهو صاحب سر الشر . وبالحاء : البحث عما يدرك بالحس ؟ بالعين أو بالأذن . وقيل : بالجيم : طلب الشيء لغيرك ، وبالحاء : طلبه لنفسك . قاله ثعلب . والأول أعرف .

                                                                                              و (قوله : " ولا تنافسوا ") أي : لا تتباروا في الحرص على الدنيا وأسبابها . وأما التنافس في الخير فمأمور به ، كما قال تعالى : وفي ذلك فليتنافس المتنافسون أي : في الجنة وثوابها ، وكأن المنافسة هي الغبطة . وقد أبعد من فسرها بالحسد ، لا سيما في هذا الحديث ، فإنه قد قرن بينها وبين الحسد في مساق واحد ، فدل على أنهما أمران متغايران .




                                                                                              الخدمات العلمية