الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( فرع ) ، قال ابن بطال في مقنعه ، قال محمد القاضي من روايته : إذا عزل القاضي ثم ولي بعد ما عزل فهو كالمحدث لا يقبل شهادة من شهد عنده قبل أن يعزل فيما لم يتم الحكم فيه حتى يشهدوا به عنده وقال ابن سحنون : وكان شجرة ولي قضاء بلدة قبل ولاية سحنون ثم عزل ثم ولاه سحنون فكتب إليه ما ترى فيما وقع عندي من البينات في المرة الأولى وما كنت عقلته يومئذ فكتب إليه طال الزمان جدا وأخاف حوالة البينات فما لم تخف من هذا وصح عندك ما كنت عقلته ولم تسترب منه أمرا فامضه ، انتهى .

                                                                                                                            وقول سحنون جار على مذهب المدونة خلاف القول الذي قدمه ، قال في أوائل كتاب الأقضية من المدونة : وإذا مات القاضي أو عزل وفي ديوانه شهادة البينات وعدالتها لم ينظر فيه من ولي بعده ولم يجزه إلا أن تقوم بينة عليه وإن قال المعزول : ما في ديواني قد شهدت عليه البينة عندي لم يقبل قوله ولا أراه شاهدا فإن لم تقم بينة على ذلك أمرهم القاضي المحدث بإعادة البينة وللطالب أن يحلف المطلوب بالله أن هذه الشهادة التي في ديوان القاضي ما شهد بها أحد عليه فإن نكل حلف الطالب وثبتت له الشهادة ثم نظر فيها الذي ولي بما كان ينظر المعزول ، قال أبو الحسن عياض : أفادت هذه المسألة بناء القاضي على حكم من قبله وأنه لا يلزمه الاستئناف والابتداء النظر ، وكذلك إذا انتقل من خطة حكم إلى خطة حكم وقد كان نظر في صدر الخصومة في الخطة الأولى وبهذا أفتى ابن عتاب وغيره من القرطبيين ورأى غيرهم استئناف النظر ولا وجه له ، انتهى .

                                                                                                                            وقاله ابن رشد في أول مسألة من كتاب الأقضية ولم يذكر فيه خلافا ونصه إثر قول العتبية : سئل مالك عن الرجل يأتي بكتاب من والي مكة إلى والي المدينة مثل القاضي والأمير وما أشبهه فلا يصل إلى المدينة حتى يموت الذي كتب له الكتاب وقضى له بالحق ، قال مالك : فأرى لصاحب المدينة أن ينفذ ذلك الكتاب ويقضي له بما فيه أرأيت لو أن قاضيا قضى لرجل ثم هلك فجاء آخر بعده أكان ينقض ما قضى ذلك ، قال ابن رشد هذه مسألة صحيحة بينة جارية على الأصول مثل ما في المدونة والواضحة وغيرهما لا اختلاف فيها ولا إشكال في معناها .

                                                                                                                            ; لأنه لما كان الأصل أن للقاضي أن ينفذ ما ثبت عنده من قضاء حكام البلد وإن قد كانوا ماتوا أو عزلوا كما يعتقد ما ثبت عنده من قضاء الحاكم قبله ببلد الميت أو المعزول وجب أن تنفذ كتبهم وإن كانوا قد ماتوا أو عزلوا قبل وصول كتبهم إليه وقبل انفصالها عن ذلك البلد فيصل حكمه بحكمهم ويبينه عليه كما ينفذ ما ثبت عنده أنه مضى من عمل الحاكم قبله المعزول أو الميت فيصل حكمه بحكمه ويبنيه عليه ولا يأمر الخصمين باستئناف الخصام عنده إن كان الشهود قد شهدوا عند الميت أو المعزول بما شهد على ذلك أو كتب به إلى حاكم بلد آخر ثم مات أو عزل نظر الذي ولي بعده أو المكتوب إليه بما شهدوا به كما ينظر في ذلك الميت أو المعزول ولم يأمر بإعادة الشهادة عنده وإن كانوا قد شهدوا عنده فقبلهم أعذر إلى المشهود عليه فيما شهدوا به دون أن ينظر إلى شهادتهم وإن كانوا قد شهدوا عنده فأعذر في شهادتهم إلى المشهود عليه فعجز عن الدفع فيها أمضى الحكم عليه دون أن يستأنف الإعذار عليه مرة أخرى وهذا بين ، انتهى . وعلى ذلك اقتصر المؤلف في آخر الباب حيث ، قال : فينفذه الثاني وبنى كأن نقل لخطة أخرى ، والله أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية