الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب سكر الأنهار

                                                                                                                                                                                                        2231 حدثنا عبد الله بن يوسف حدثنا الليث قال حدثني ابن شهاب عن عروة عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما أنه حدثه أن رجلا من الأنصار خاصم الزبير عند النبي صلى الله عليه وسلم في شراج الحرة التي يسقون بها النخل فقال الأنصاري سرح الماء يمر فأبى عليه فاختصما عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للزبير أسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك فغضب الأنصاري فقال أن كان ابن عمتك فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال اسق يا زبير ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر فقال الزبير والله إني لأحسب هذه الآية نزلت في ذلك فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم [ ص: 43 ]

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        [ ص: 43 ] قوله ( باب سكر الأنهار ) السكر بفتح المهملة وسكون الكاف : السد والغلق ، مصدر سكرت النهر إذا سددته . وقال ابن دريد : أصله من سكرت الريح إذا سكن هبوبها .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن عروة ) يأتي بعد باب من رواية ابن جريج عن ابن شهاب " عن عروة أنه حدثه " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن عبد الله بن الزبير أنه حدثه أن رجلا من الأنصار خاصم الزبير ) هذا هـو المشهور من رواية الليث بن سعد عن ابن شهاب ، وقد رواه ابن وهب عن الليث ويونس جميعا " عن ابن شهاب أن عروة حدثه عن أخيه عبد الله بن الزبير عن الزبير بن العوام " أخرجه النسائي وابن الجارود والإسماعيلي ، وكأن ابن وهب حمل رواية الليث على رواية يونس وإلا فرواية الليث ليس فيها ذكر الزبير والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                        وأخرجه المصنف في الصلح من طريق شعيب عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن الزبير بغير ذكر عبد الله ، وقد أخرجه المصنف في الباب الذي يليه من طريق معمر عن ابن شهاب عن عروة مرسلا ، وأعاده في التفسير من وجه آخر عن معمر ، وكذا أخرجه الطبري من طريق عبد الرحمن بن إسحاق حدثنا ابن شهاب ، وأخرجه المصنف بعد باب من رواية ابن جريج كذلك بالإرسال ، لكن أخرجه الإسماعيلي - من وجه آخر - عن ابن جريج كرواية شعيب التي ليس فيها " عن عبد الله " .

                                                                                                                                                                                                        وذكر الدارقطني في " العلل " أن ابن أبي عتيق وعمر بن سعد وافقا شعيبا وابن جريج على قولهما : " عروة عن الزبير " قال : وكذلك قال أحمد بن صالح وحرملة عن ابن وهب ، قال : وكذلك قال شبيب بن سعيد عن يونس ، قال وهو المحفوظ . قلت : وإنما صححه البخاري مع هذا الاختلاف اعتمادا على صحة سماع عروة من أبيه وعلى صحة سماع عبد الله بن الزبير من النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فكيفما دار فهو على ثقة .

                                                                                                                                                                                                        ثم الحديث ورد في شيء يتعلق بالزبير فداعية ولده متوفرة على ضبطه ، وقد وافقه مسلم على تصحيح طريق الليث التي ليس فيها ذكر الزبير ، وزعم الحميدي في جمعه أن الشيخين أخرجاه من طريق عروة عن أخيه عبد الله عن أبيه ، وليس كما قال ، فإنه بهذا السياق في رواية يونس المذكورة ولم يخرجها من أصحاب الكتب الستة إلا النسائي وأشار إليها الترمذي خاصة ، وقد جاءت هذه القصة من وجه آخر أخرجها الطبري والطبراني من حديث أم سلمة ، وهي عند الزهري أيضا من مرسل سعيد بن المسيب كما سيأتي بيانه .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أن رجلا من الأنصار ) زاد في رواية شعيب " قد شهد بدرا " وفي رواية عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري عند الطبري في هذا الحديث أنه من بني أمية بن زيد وهم بطن من الأوس ، ووقع [ ص: 44 ] في رواية يزيد بن خالد عن الليث عن الزهري عند ابن المقري في معجمه في هذا الحديث أن اسمه حميد ، قال أبو موسى المديني في " ذيل الصحابة " : لهذا الحديث طرق لا أعلم في شيء منها ذكر حميد إلا في هذه الطريق ا هـ .

                                                                                                                                                                                                        وليس في البدريين من الأنصار من اسمه حميد ، وحكى ابن بشكوال في مبهماته عن شيخه أبي الحسن بن مغيث أنه ثابت بن قيس بن شماس ، قال : ولم يأت على ذلك بشاهد . قلت : وليس ثابت بدريا ، وحكى الواحدي أنه ثعلبة بن حاطب الأنصاري الذي نزل فيه قوله تعالى : ومنهم من عاهد الله ولم يذكر مستنده وليس بدريا أيضا ، نعم ذكر ابن إسحاق في البدريين ثعلبة بن حاطب وهو من بني أمية بن زيد وهو عندي غير الذي قبله لأن هذا ذكر ابن الكلبي أنه استشهد بأحد وذاك عاش إلى خلافة عثمان ، وحكى الواحدي أيضا وشيخه الثعلبي والمهدوي أنه حاطب بن أبي بلتعة ، وتعقب بأن حاطبا وإن كان بدريا لكنه من المهاجرين ، لكن مستند ذلك ما أخرجه ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن عبد العزيز عن الزهري عن سعيد بن المسيب في قوله تعالى : فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم الآية قال : نزلت في الزبير بن العوام وحاطب بن أبي بلتعة اختصما في ماء " الحديث ، وإسناده قوي مع إرساله .

                                                                                                                                                                                                        فإن كان سعيد بن المسيب سمعه من الزبير فيكون موصولا ، وعلى هذا فيئول قوله من الأنصار على إرادة المعنى الأعم كما وقع ذلك في حق غير واحد كعبد الله بن حذافة ، وأما قول الكرماني بأن حاطبا كان حليفا للأنصار ففيه نظر ، وأما قوله : " من بني أمية بن زيد " فلعله كان مسكنه هنا كعمر كما تقدم في العلم .

                                                                                                                                                                                                        وذكر الثعلبي بغير سند أن الزبير وحاطبا لما خرجا مرا بالمقداد قال : لمن كان القضاء ؟ فقال حاطب : قضى لابن عمته ، ولوى شدقه ، ففطن له يهودي فقال : قاتل الله هؤلاء يشهدون أنه رسول الله ويتهمونه ، وفي صحة هذا نظر ، ويترشح بأن حاطبا كان حليفا لآل الزبير بن العوام من بني أسد وكأنه كان مجاورا للزبير والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                        وأما قول الداودي وأبي إسحاق الزجاج وغيرهما أن خصم الزبير كان منافقا فقد وجهه القرطبي بأن قول من قال إنه كان من الأنصار يعني نسبا لا دينا ، قال : وهذا هـو الظاهر من حاله ، ويحتمل أنه لم يكن منافقا ولكن أصدر ذلك منه بادرة النفس كما وقع لغيره ممن صحت توبته ، وقوى هذا شارح " المصابيح " التوربشتي ووهى ما عداه وقال : لم تجر عادة السلف بوصف المنافقين بصفة النصرة التي هي المدح ولو شاركهم في النسب ، قال : بل هي زلة من الشيطان تمكن به منها عند الغضب ، وليس ذلك بمستنكر من غير المعصوم في تلك الحالة ا هـ .

                                                                                                                                                                                                        وقد قال الداودي بعد جزمه بأنه كان منافقا : وقيل كان بدريا ، فإن صح فقد وقع ذلك منه قبل شهودها لانتفاء النفاق عمن شهدها ا هـ . وقد عرفت أنه لا ملازمة بين صدور هذه القضية منه وبين النفاق ، وقال ابن التين إن كان بدريا فمعنى قوله : لا يؤمنون لا يستكملون الإيمان والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( خاصم الزبير ) في رواية معمر " خاصم الزبير رجلا " والمخاصمة مفاعلة من الجانبين فكل منهما مخاصم للآخر .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( في شراج الحرة ) بكسر المعجمة وبالجيم جمع شرج بفتح أوله وسكون الراء مثل بحر وبحار ويجمع على شروج أيضا ، وحكى ابن دريد شرج بفتح الراء ، وحكى القرطبي شرجة والمراد بها هـنا مسيل الماء ، وإنما أضيفت إلى الحرة لكونها فيها ، والحرة موضع معروف بالمدينة تقدم ذكرها ، وهي في [ ص: 45 ] خمسة مواضع : المشهور منها اثنتان حرة واقم ، وحرة ليلى . وقال الداودي : هو نهر عند الحرة بالمدينة ، فأغرب وليس بالمدينة نهر ، قال أبو عبيد : كان بالمدينة واديان يسيلان بماء المطر فيتنافس الناس فيه فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للأعلى فالأعلى .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( التي يسقون بها النخل ) في رواية شعيب " كانا يسقيان بها كلاهما " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فقال الأنصاري ) يعني للزبير ( سرح ) فعل أمر من التسريح أي أطلقه . وإنما قال له ذلك لأن الماء كان يمر بأرض الزبير قبل أرض الأنصاري فيحبسه لإكمال سقي أرضه ثم يرسله إلى أرض جاره ، فالتمس منه الأنصاري تعجيل ذلك فامتنع .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( اسق يا زبير ) بهمزة وصل من الثلاثي ، وحكى ابن التين أنه بهمزة قطع من الرباعي تقول سقى وأسقى ، زاد ابن جريج في روايته كما سيأتي بعد باب " فأمره بالمعروف " وهي جملة معترضة من كلام الراوي ، وقد أوضحه شعيب في روايته حيث قال في آخره " وكان قد أشار على الزبير برأي فيه سعة له وللأنصاري " وضبطه الكرماني " فأمره " هنا بكسر الميم وتشديد الراء على أنه فعل أمر من الإمرار ، وهو محتمل .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أن كان ابن عمتك ) بفتح همزة أن وهي للتعليل ، كأنه قال : حكمت له بالتقديم لأجل أنه ابن عمتك ، وكانت أم الزبير صفية بنت عبد المطلب . وقال البيضاوي : يحذف حرف الجر من أن كثيرا تخفيفا ، والتقدير لأن كان أو بأن كان ، ونحو أن كان ذا مال وبنين أي لا تطعه لأجل ذلك ، حكى القرطبي تبعا لعياض أن همزة أن ممدودة ، قال لأنه استفهام على جهة إنكار . قلت : ولم يقع لنا في الرواية مد ، لكن يجوز حذف همزة الاستفهام .

                                                                                                                                                                                                        وحكى الكرماني " إن كان " بكسر الهمزة على أنها شرطية والجواب محذوف ، ولا أعرف هذه الرواية . نعم وقع في رواية عبد الرحمن بن إسحاق " فقال : اعدل يا رسول الله ، وإن كان ابن عمتك " والظاهر أن هذه بالكسر ، وابن بالنصب على الخبرية . ووقع في رواية معمر في الباب الذي يليه " أنه ابن عمتك " قال ابن مالك يجوز في أنه فتح الهمزة وكسرها لأنها وقعت بعد كلام تام معلل بمضمون ما صدر بها ، فإذا كسرت قدر ما قبلها بالفاء ، وإذا فتحت قدر ما قبلها باللام ، وبعضهم يقدر بعد الكلام المصدر بالمكسورة مثل ما قبلها مقرونا بالفاء فيقول في قوله مثلا : اضربه إنه مسيء : اضربه إنه مسيء فاضربه ، ومن شواهده ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة ولم يقرأ هنا إلا بالكسر ، وإن جاز الفتح في العربية . وقد ثبت الوجهان في قوله تعالى إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم قرأ نافع والكسائي أنه بالفتح والباقون بالكسر .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فتلون ) أي تغير ، وهو كناية عن الغضب ، زاد عبد الرحمن بن إسحاق في روايته حتى عرفنا أن قد ساءه ما قال .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حتى يرجع إلى الجدر ) أي يصير إليه ، والجدر - بفتح الجيم وسكون الدال المهملة - هو المسناة ، وهو ما وضع بين شربات النخل كالجدار ، وقيل المراد الحواجز التي تحبس الماء وجزم به [ ص: 46 ] السهيلي ، ويروى الجدر بضم الدال حكاه أبو موسى وهو جمع جدار ، وقال ابن التين : ضبط في أكثر الروايات بفتح الدال وفي بعضها بالسكون وهو الذي في اللغة وهو أصل الحائط .

                                                                                                                                                                                                        وقال القرطبي : لم يقع في الرواية إلا بالسكون ، والمعنى أن يصل الماء إلى أصول النخل ، قال ويروى بكسر الجيم وهو الجدار والمراد به جدران الشربات التي في أصول النخل فإنها ترفع حتى تصير تشبه الجدار ، والشربات بمعجمة وفتحات هي الحفر التي تحفر في أصول النخل ، وحكى الخطابي الجذر بسكون الذال المعجمة وهو جذر الحساب والمعنى حتى يبلغ تمام الشرب .

                                                                                                                                                                                                        قال الكرماني : المراد بقوله أمسك أي : أمسك نفسك عن السقي ، ولو كان المراد أمسك الماء لقال بعد ذلك : أرسل الماء إلى جارك . قلت : قد قالها في هذا الباب كما سيأتي في رواية معمر في التفسير حيث قال : " ثم أرسل الماء إلى جارك " وصرح في رواية شعيب أيضا بقوله " احبس الماء " والحاصل أن أمره بإرسال الماء كان قبل اعتراض الأنصاري ، وأمره بحبسه كان بعد ذلك .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فقال الزبير والله إني لأحسب هذه الآية نزلت في ذلك فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم زاد في رواية شعيب " إلى قوله : تسليما " ووقع في رواية ابن جريج الآتية " فقال الزبير : والله إن هذه الآية أنزلت في ذلك " وفي رواية عبد الرحمن بن إسحاق " ونزلت فلا وربك الآية " والراجح رواية الأكثر وأن الزبير كان لا يجزم بذلك ، لكن وقع في رواية أم سلمة عند الطبري والطبراني الجزم بذلك وأنها نزلت في قصة الزبير وخصمه ، وكذا في مرسل سعيد بن المسيب الذي تقدمت الإشارة إليه ، وجزم مجاهد والشعبي بأن الآية إنما نزلت فيمن نزلت فيه الآية التي قبلها وهي قوله تعالى ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت الآية ، فروى إسحاق ابن راهويه في تفسيره بإسناد صحيح عن الشعبي قال : " كان بين رجل من اليهود ورجل من المنافقين خصومة ، فدعا اليهودي المنافق إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه علم أنه لا يقبل الرشوة ، ودعا المنافق اليهودي إلى حكامهم لأنه علم أنهم يأخذونها ، فأنزل الله هذه الآيات إلى قوله : ويسلموا تسليما .

                                                                                                                                                                                                        وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد نحوه ، وروى الطبري بإسناد صحيح عن ابن عباس " أن حاكم اليهود يومئذ كان أبا برزة الأسلمي قبل أن يسلم ويصحب " ، وروى بإسناد آخر صحيح إلى مجاهد " أنه كعب بن الأشرف " ، وقد روى الكلبي في تفسيره عن أبي صالح عن ابن عباس قال : " نزلت هذه الآية في رجل من المنافقين كان بينه وبين يهودي خصومة فقال اليهودي : انطلق بنا إلى محمد ، وقال المنافق : بل نأتي كعب بن الأشرف " فذكر القصة وفيه أن عمر قتل المنافق وأن ذلك سبب نزول هذه الآيات وتسمية عمر " الفاروق " .

                                                                                                                                                                                                        وهذا الإسناد وإن كان ضعيفا لكن تقوى بطريق مجاهد ولا يضره الاختلاف لإمكان التعدد ، وأفاد الواحدي بإسناد صحيح عن سعيد عن قتادة أن اسم الأنصاري المذكور قيس ، ورجح الطبري في تفسيره وعزاه إلى أهل التأويل في تهذيبه أن سبب نزولها هـذه القصة ليتسق نظام الآيات كلها في سبب واحد ، قال ولم يعرض بينها ما يقتضي خلال ذلك ، ثم قال : ولا مانع أن تكون قصة الزبير وخصمه وقعت في أثناء ذلك فيتناولها عموم الآية . والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قال محمد بن العباس قال أبو عبد الله : ليس أحد يذكر عروة عن عبد الله إلا الليث فقط ) [ ص: 47 ] هكذا وقع في رواية أبي ذر عن الحموي وحده عن الفربري وهو القائل " قال محمد بن العباس " ومحمد بن العباس هو السلمي الأصبهاني ، وهو من أقران البخاري وتأخر بعده مات سنة ست وستين ، وأبو عبد الله هو البخاري المصنف ، وهو مصرح بتفرد الليث بذكر عبد الله بن الزبير في إسناده فإن أراد مطلقا رد عليه ما أخرجه النسائي وغيره من طريق ابن وهب عن الليث ويونس جميعا عن الزهري ، وإن أراد بقيد أنه لم يقل فيه عن أبيه بل جعله من مسند عبد الله بن الزبير فمسلم ، فإن رواية ابن وهب فيها عن عبد الله عن أبيه كما تقدم بيانه في أول الباب ، وقد نقل الترمذي عن البخاري أن ابن وهب روى عن الليث ويونس نحو رواية قتيبة عن الليث .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية