الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل في ذكر تلاعبه بالدهرية

وهم قوم عطلوا المصنوعات عن صانعها، وقالوا ما حكاه الله عنهم: وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر [الجاثية: 24] وهم فرقتان:

1 - فرقة قالت: إن الخالق سبحانه خلق الأفلاك متحركة أعظم حركة دارت عليه فأخرقته، ولم يقدر على ضبطها، وإمساك حركتها.

2 - وفرقة قالت: إن الأشياء ليس لها أول البتة، وإنما تخرج من القوة إلى الفعل، فإذا خرج ما كان بالقوة إلى الفعل، تكونت الأشياء، مركباتها وبسائطها، من ذاتها، لا من شيء آخر.

وقالوا: إن العالم لم يزل ولا يزال لا يتغير ولا يضمحل، ولا يجوز أن يكون المبدع يفعل فعلا يبطل ويضمحل إلا وهو يبطل ويضمحل مع فعله، وهذا العالم هو الممسك هذه الأجزاء التي فيه.

وهؤلاء هم المعطلة حقا، وقد سرى هذا التعطيل إلى سائر فرق المعطلة، على اختلاف آرائهم في التعطيل، كما سرى داء الشرك في سائر فرق المشركين على اختلاف مذاهبهم فيه.

وكما سرى جحد النبوة في سائر من جحد النبوة، أو صفة من صفاتها، أو أقر بها جملة، وجحد مقصودها.

ولم ينج إلا أتباع الرسول العارفون بحقيقة ما جاء به، المتمسكون به دون ما سواه، ظاهرا وباطنا، فداء التعطيل وداء الإشراك، وداء مخالفة الرسول، وجحد ما جاء به أو شيء منه، هو منبع كل شر وفساد في العالم.

فليست فرقة من فرق أهل الإلحاد والباطل والبدع إلا وقولها مشتق من هذه الأصول، أو من بعضها:


فإن تنج منها تنج من ذي عظيمة وإلا فإني لا أخالك ناجيا



التالي السابق


الخدمات العلمية