الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                [ ص: 259 ] السادس عشر : في المداينات

                1 - الحيلة في إبراء المديون إبراء باطلا أو تأجيله كذلك أو صلحه كذلك ; أن يقر الدائن بالدين لرجل يثق به ويشهد أن اسمه كان عارية ويوكله بقبضه ثم يذهبا إلى القاضي ، ويقول المقر له : إنه كان لي باسم هذا الرجل على فلان كذا وكذا . فيقر له بذلك فيقول المقر له للقاضي : امنع هذا المقر من قبض المال وأن يحدث فيه حدثا أو احجر عليه في ذلك . فيحجر القاضي عليه ويمنعه من قبضه . فإذا فعل ذلك ثم أبرأ أو أجل أو صالح كان باطلا . وإنما احتيج إلى حجر القاضي لأن المقر هو الذي يملك القبض فلا تفيد الحيلة فتنبه فإنه يغفل عنه ، ثم قال الخصاف رحمه الله تعالى بعده : وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى : يجوز قبض الذي كان باسمه المال بعد إقراره وتأجيله وإبرائه وهبته [ ص: 260 ]

                2 - لأنه لا يرى الحجر جائزا

                [ ص: 259 ]

                التالي السابق


                [ ص: 259 ] قوله : الحيلة في إبراء المديون إلخ . أي في إبراء الدائن المديون فالمصدر مضاف إلى المفعول والفاعل محذوف ، يعني رجلا له على رجل مال بغير شهود فأبى الذي عليه المال أن يقر به إلا أن يؤجله أو يصالحه منه على الشطر أو يبرئه عن الشطر منه ويريد صاحب المال حيلة حتى يقر له بماله ، ولا يجوز تعجيله وصلحه فاعلم بأن المديون إذا قال لرب الدين لا أقر لك بالمال حتى تؤجلني أو لا أقر لك حتى تصالحني أو حتى تحط عني بعض ما تدعي علي فهل ذلك يكون إقرارا بالمال فعند بعض العلماء يكون إقرارا فلا يحتاج إلى هذه الحيلة . وقال محمد لا يكون إقرارا وحينئذ فالحيلة ما ذكر وفي هذه الحيلة نوع نظر ; وكان ينبغي أن لا يحجر القاضي على المقر لأن في [ ص: 260 ] حجره عليه إبطال حق المطلوب لأن المطلوب يستحق البراءة عما في ذمته بإيفاء الحق إلى المقر وبإبرائه ففي جواز هذا الحجر إبطال حق المطلوب عليه والقاضي لا يحجر في مثل هذا الموضع وكان الخصاف أخذ هذا مما ذكره محمد رحمه الله تعالى آخر كتاب الحجر أن القاضي إذا أذن رجلا بالتصرف فلما تصرف وبايع الناس فسد الرجل فعند محمد رحمه الله تعالى يحجر وإن لم يحجر عليه القاضي وعند الإمام لا يتحجر إلا بحجر القاضي وإذا حجر عليه القاضي صح حجره وانحجر ذلك الرجل . وهناك أيضا المديون يستحق البراءة بالإيفاء إلى المحجور أو بإبرائه ففي هذا الحجر إبطال حقه عليه ومع هذا جوز ذلك فههنا أيضا كذلك كذا في التتارخانية .

                ( 2 ) قوله : لأنه لا يرى الحجر جائزا . يعني وإذا لم يجز الحجر عنده صار الحال بعد الحجر كالحال قبله ، وقبل الحجر كان يجوز تصرفات المقر في الدين المقر به




                الخدمات العلمية