الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون

                                                                                                                                                                                                                                      20 - وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم ؛ أي: الملائكة؛ تعلقت المعتزلة بظاهر هذه الآية في أن الله (تعالى) لم يشإ الكفر من الكافر؛ وإنما شاء الإيمان؛ فإن [ ص: 269 ] الكفار ادعوا أن الله شاء منهم الكفر؛ وما شاء منهم ترك عبادة الأصناف؛ حيث قالوا: "لو شاء الرحمن ما عبدناهم"؛ أي: لو شاء منا أن نترك عبادة الأصنام لمنعنا عن عبادتها؛ ولكن شاء منا عبادة الأصنام؛ والله (تعالى) رد عليهم قولهم؛ واعتقادهم؛ بقوله: ما لهم بذلك ؛ القول؛ من علم إن هم إلا يخرصون ؛ أي: يكذبون؛ ومعنى الآية عندنا أنهم أرادوا بالمشيئة الرضا؛ وقالوا: لو لم يرض بذلك لعجل عقوبتنا؛ أو لمنعنا عن عبادتها منع قهر؛ واضطرار؛ وإذ لم يفعل ذلك فقد رضي بذلك؛ فرد الله (تعالى) عليهم بقوله: "ما لهم بذلك من علم"؛ الآية؛ أو قالوا هذا القول استهزاء جدا واعتقادا؛ فأكذبهم الله (تعالى) فيه؛ وجهلهم؛ حيث لم يقولوا عن اعتقاد؛ كما قال - مخبرا عنهم -: أنطعم من لو يشاء الله أطعمه ؛ وهذا حق في الأصل؛ ولكن لما قالوا ذلك استهزاء كذبهم الله بقوله: إن أنتم إلا في ضلال مبين ؛ وكذلك قال الله (تعالى): قالوا نشهد إنك لرسول الله ؛ ثم قال: والله يشهد إن المنافقين لكاذبون ؛ لأنهم لم يقولوه عن اعتقاد؛ وجعلوا المشيئة حجة لهم فيما فعلوا باختيارهم؛ وظنوا أن الله لا يعاقبهم على شيء فعلوه بمشيئته؛ وجعلوا أنفسهم معذورين في ذلك؛ فرد الله (تعالى) عليهم .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية