الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                      48- وقال: (وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة) أي: وعدناه انقضاء أربعين ليلة، أي: رأس الأربعين، كما قال:

                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 98 ]

                                                                                                                                                                                                                      : (واسأل القرية) وهذا مثل قولهم "اليوم أربعون يوما منذ خرج" و"اليوم يومان" أي: "اليوم تمام الأربعين" و"تمام يومين".

                                                                                                                                                                                                                      باب أهل وآل.

                                                                                                                                                                                                                      49- وقوله: (من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب) وقد قال: (وإذ نجيناكم من آل فرعون) فإنما حدث عما كانوا يلقون منهم. و : (يسومونكم) في موضع رفع وإن شئت جعلته في موضع نصب على الحال كأنه يقول: "وإذ نجيناكم من آل فرعون سائمين لكم" والرفع على الابتداء. وأما "آل" فإنها تحسن إذا أضيفت إلى اسم خاص نحو: "أتيت آل زيد"، و"أهل مكة" و"آل مكة" و"أهل المدينة" و"آل المدينة". ولو قلت: "أتيت آل الرجل" و"آل المرأة" لم يحسن، ولكن: "أتيت آل الله" وهم زعموا أهل مكة. وليس "آل" بالكثير في أسماء الأرضين وقد سمعنا من يقول ذلك، وإنما هي همزة أبدلت مكان الهاء مثل "هيهات" و "أيهات".

                                                                                                                                                                                                                      50- و (وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم) يقول: فرقنا بين الماءين حين مررتم فيه.

                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 99 ]

                                                                                                                                                                                                                      51- وأما قوله: باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم.

                                                                                                                                                                                                                      فانتصب العجل لأنه مفعول به تقول: عجبت من ضربك زيدا وقوله "بارئكم" مهموز لأنه من "برأ الله الخلق يبرؤ برأ" وقد قرأ بعضهم هذه الهمزة بالتخفيف فجعلها بين الهمزة وبين الياء. وقد زعم قوم أنها تجزم. ولا أرى ذلك إلا غلطا منهم، سمعوا التخفيف فظنوا أنه مجزوم. والتخفيف لا يفهم إلا بمشاهدة ولا يعرف في الكتاب ولا يجوز الإسكان إلا أن يكون أسكن وجعلها نحو "علم" و"قد ضرب" و"قد سمع"، ونحو ذلك. سمعت من العرب من يقول: جاءت رسلنا، جزم اللام وذلك لكثرة الحركة. قال الشاعر [ الأقيشر الأسدي ]:


                                                                                                                                                                                                                      (75) وأنت لو باكرت مشمولة صهباء مثل الفرس الأشقر     رحت وفي رجليك ما فيهما
                                                                                                                                                                                                                      وقد بدا هنك من المئزر

                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 100 ]

                                                                                                                                                                                                                      وقال امرؤ القيس :


                                                                                                                                                                                                                      (76) فاليوم أشرب غير مستحقب     إثما من الله ولا واغل

                                                                                                                                                                                                                      وقال آخر:


                                                                                                                                                                                                                      (77) إن بني ثمرة فؤادي



                                                                                                                                                                                                                      وقال آخر:


                                                                                                                                                                                                                      (78) يا علقمه يا علقمه يا علقمه     خير تميم كلها وأكرمه



                                                                                                                                                                                                                      وقال [ أبو نخيلة ]:


                                                                                                                                                                                                                      (79) إذا اعوججن قلت صاحب قوم     بالدو أمثال السفين العوم



                                                                                                                                                                                                                      ويكون: رسلنا على الإدغام؛ يدغم اللام في النون، ويجعل فيها غنة/ والإسكان في بارئكم على البدل على لغة الذين قالوا "أخطيت" وهذا لا يعرف.

                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية