الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( و ) جاز ( شرط الاستبدال به ) [ ص: 385 ] أرضا أخرى حينئذ ( أو ) شرط ( بيعه ويشتري بثمنه أرضا أخرى إذا شاء فإذا فعل صارت الثانية كالأولى في شرائطها وإن لم يذكرها ثم لا يستبدلها ) بثالثة لأنه حكم ثبت بالشرط والشرط وجد في الأولى لا الثانية [ ص: 386 ] ( وأما ) الاستبدال ولو للمساكين آل ( بدون الشرط فلا يملكه إلا القاضي ) درر

التالي السابق


مطلب في استبدال الوقف وشروطه ( قوله : وجاز شرط الاستبدال به إلخ ) اعلم أن الاستبدال على ثلاثة وجوه : الأول : أن يشرطه الواقف لنفسه أو لغيره أو لنفسه وغيره ، فالاستبدال فيه جائز على الصحيح وقيل اتفاقا . والثاني : أن لا يشرطه سواء شرط عدمه أو سكت لكن صار بحيث لا ينتفع به بالكلية بأن لا يحصل منه شيء أصلا ، أو لا يفي بمؤنته فهو أيضا جائز على الأصح إذا كان بإذن القاضي ورأيه المصلحة فيه . والثالث : أن لا يشرطه أيضا ولكن فيه نفع في الجملة وبدله خير منه ريعا ونفعا ، وهذا لا يجوز استبداله على الأصح المختار كذا حرره العلامة قنالي زاده في رسالته الموضوعة في الاستبدال ، وأطنب فيها عليه الاستدلال وهو مأخوذ من الفتح أيضا كما سنذكره عند قول الشارح لا يجوز استبدال العامر إلا في أربع ويأتي بقية شروط الجواز .

وأفاد صاحب البحر في رسالته في الاستبدال أن الخلاف [ ص: 385 ] في الثالث ، إنما هو في الأرض إذا ضعفت عن الاستغلال بخلاف الدار إذا ضعفت بخراب بعضها ، ولم تذهب أصلا فإنه لا يجوز حينئذ الاستبدال على كل الأقوال قال : ولا يمكن قياسها على الأرض فإن الأرض إذا ضعفت لا يرغب غالبا في استئجارها بل في شرائها أما الدار فيرغب في استئجارها مدة طويلة لأجل تعميرها للسكنى على أن باب القياس مسدود في زماننا وإنما للعلماء النقل من الكتب المعتمدة كما صرحوا به ( قوله : أرضا أخرى ) مفعول به للاستبدال وعمل المصدر المقرون بأل قليل ( قوله : حينئذ ) أي حين إذ كان الفتوى على قول أبي يوسف وأشار بهذا إلى أن اشتراط الاستبدال مفرع على القول بجواز اشتراط الغلة لنفسه ولهذا قال في البحر : وفرع في الهداية على الاختلاف بين الشيخين شرط والاستبدال لنفسه ، فيجوزه أبو يوسف وأبطله محمد وفي الخانية الصحيح قول أبي يوسف ا هـ وذكر في الخانية في موضع آخر صحة الشرط إجماعا ووفق بينهما صاحب البحر في رسالته بحمل الأول على ما إذا ذكر الشرط بلفظ البيع والثاني ما إذا ذكره بلفظ الاستبدال بقرينة تعبير الخانية بذلك وإلا فهو مشكل . ا هـ . ( قوله : أو شرط بيعه ) ظاهره أنه لا فرق بين ذكره بلفظ الاستبدال أو البيع ، وهو خلاف التوفيق المذكور آنفا .

( قوله : ويشتري بثمنه أرضا ) أي وأن يشتري على حد قوله ولبس عباءة وتقر عيني وقيد به لأن شرط البيع فقط يفسد الوقف كما مر أول الباب ; لأنه لا يدل على إرادة الاستبدال إلا بذكر الشراء وفي فتاوى الكازروني عن الشرنبلالي أنه سئل عن واقف شرط لنفسه الاستبدال والبيع فأجاب : بأن الوقف باطل لأنه لما شرط البيع بعد الاستبدال كان عطف مغاير ، وأطلق البيع ولم يقل واشترى بالثمن ما يكون وقفا مكانها فأبطل الوقف لقول الخصاف لو اشترط بيع الأرض ولم يقل استبدال بثمنها ما يكون وقفا مكانها فالوقف باطل . ا هـ . ( قوله : إذا شاء ) كذا وقع في عبارة الدرر ولم يذكره في البحر والفتح ، وأكثر الكتب التي رأيتها نعم رأيته معزيا للذخيرة والظاهر أنه قيد للبيع لا للشراء فكان المناسب ذكره قبل قوله : ويشتري لئلا يوهم أنه قيد للشراء ، فيلزم منه اشتراط البيع ، وإن لم يرد أن يشتري بثمنه غيره وهو مفسد للوقف كما علمته هذا ما ظهر لي ولم أر من نبه عليه ( قوله : وإن لم يذكرها ) أي الشرائط قال في البحر : ولو شرط أن يبيعها ، ويشتري بثمنها أرضا أخرى ، ولم يزد صح استحسانا وصارت الثانية وقفا بشرائط الأولى ولا يحتاج إلى الإيقاف كالعبد الموصى بخدمته ، إذا قتل خطأ واشترى بثمنه عبدا آخر ثبت حق الموصى له في خدمته .

مطلب في اشتراط الإدخال والإخراج ( قوله : ثم لا يستبدلها بثالثة ) قال في الفتح : إلا أن يذكر عبارة تفيد له ذلك دائما ، وكذلك ليس للقيم الاستبدال إلا أن ينص له عليه ، وعلى وزان هذا الشرط لو شرط لنفسه ، أن ينقص من المعاليم إذا شاء ، ويزيد ويخرج من شاء ، ومن استبدل به كان له ذلك ، وليس لقيمه أن يجعله له وإذا أدخل وأخرج مرة ، فليس له ثانيا [ ص: 386 ] إلا بشرطه ولو شرطه للقيم ولم يشرطه لنفسه كان له أن يستبدل بنفسه ا هـ وذكر في البحر فروعا مهمة فلتراجع ( قوله : ولو للمساكين آل ) أي رجع وهذه المبالغة لم يذكرها في الدرر قال ح : ولم يظهر لي وجهها ( قوله : بدون الشرط ) دخل فيه ما لو اشترط عدمه كما سيذكره الشارح في شرح الوهبانية عن الطرسوسي أنه لا نقل فيه لكنه مقتضى قواعد المذهب ; لأنهم قالوا : إذا شرط الواقف أن لا يكون للقاضي أو السلطان كلام في الوقف أنه شرط باطل ، وللقاضي الكلام لأن نظره أعلى وهذا شرط فيه تفويت المصلحة للموقوف عليهم ، وتعطيل للوقف فيكون شرطا لا فائدة فيه للوقف ولا مصلحة فلا يقبل ا هـ بحر .




الخدمات العلمية