الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          شفق

                                                          شفق : الشفق والشفقة : الاسم من الإشفاق . والشفق : الخيفة . شفق شفقا فهو شفق ، والجمع شفقون ; قال الشاعر إسحاق بن خلف ، وقيل هو لابن المعلى :


                                                          تهوى حياتي وأهوى موتها شفقا والموت أكرم نزال على الحرم

                                                          وأشفقت عليه وأنا مشفق وشفيق ، وإذا قلت : أشفقت منه فإنما تعني حذرته ، وأصلهما واحد ولا يقال شفقت . قال ابن دريد : شفقت وأشفقت بمعنى ، وأنكره أهل اللغة : الليث : الشفق الخوف . تقول : أنا مشفق عليك أي أخاف . والشفق أيضا : الشفقة وهو أن يكون الناصح من بلوغ النصح خائفا على المنصوح . تقول : أشفقت عليه أن يناله مكروه . ابن سيده : وأشفق عليه حذر وأشفق منه جزع وشفق لغة . والشفق والشفقة : الخيفة من شدة النصح . والشفيق : الناصح الحريص على صلاح المنصوح . وقوله تعالى : إنا كنا من قبل في أهلنا مشفقين أي كنا في أهلنا خائفين لهذا اليوم . وشفيق : بمعنى مشفق مثل أليم ووجيع وداع ، وسميع . والشفق والشفقة : رقة من نصح أو حب يؤدي إلى خوف . وشفقت من الأمر شفقة : بمعنى أشفقت ; وأنشد :


                                                          فإني ذو محافظة لقومي     إذا شفقت على الرزق العيال

                                                          ، وفي حديث بلال : وإنما كان يفعل ذلك شفقا من أن يدركه الموت ; الشفق والإشفاق : الخوف ، يقال : أشفقت أشفق إشفاقا ، وهي اللغة العالية . وحكى ابن دريد : شفقت أشفق شفقا ; ومنه حديث الحسن : قال عبيدة أتيناه فازدحمنا على مدرجة رثة ، فقال : أحسنوا ملأكم أيها المرءون وما على البناء شفقا ولكن عليكم ; انتصب شفقا بفعل مضمر تقديره وما أشفق على البناء شفقا ولكن عليكم ; وقوله :


                                                          كما شفقت على الزاد العيال

                                                          أراد بخلت وضنت ، وهو من ذلك لأن البخيل بالشيء مشفق عليه . والشفق : الرديء من الأشياء وقلما يجمع . ويقال : عطاء مشفق أي مقلل ; قال الكميت :


                                                          ملك أغر من الملوك تحلبت     للسائلين يداه غير مشفق

                                                          وقد أشفق العطاء . وملحفة شفق النسج : رديئة . وشفق الملحفة : جعلها شفقا في النسج . والشفق : بقية ضوء الشمس وحمرتها في أول [ ص: 105 ] الليل ترى في المغرب إلى صلاة العشاء . والشفق النهار أيضا وعن الزجاج ; وقد فسر بهما جميعا قوله تعالى : فلا أقسم بالشفق . وقال الخليل : الشفق الحمرة من غروب الشمس إلى وقت العشاء ; الأخيرة ، فإذا ذهب قيل غاب الشفق ، وكان بعض الفقهاء يقول : الشفق البياض لأن الحمرة تذهب إذا أظلمت ، وإنما الشفق البياض الذي إذا ذهب صليت العشاء الأخيرة ، والله أعلم بصواب ذلك . وقال الفراء : سمعت بعض العرب يقول عليه ثوب مصبوغ كأنه الشفق ، وكان أحمر ، فهذا شاهد الحمرة . أبو عمرو : الشفق الثوب المصبوغ بالحمرة . . . . . في السماء . وأشفقنا : دخلنا في الشفق . وأشفق وشفق : أتى بشفق ، وفي مواقيت الصلاة حتى يغيب الشفق ; وهو من الأضداد يقع على الحمرة التي ترى بعد مغيب الشمس وبه أخذ الشافعي ، وعلى البياض الباقي في الأفق الغربي بعد الحمرة المذكورة ، وبه أخذ أبو حنيفة . وفي النوادر : أنا في أشفاق من هذا الأمر أي في نواح منه ، ومثله : أنا في عروض منه ، وفي أعراض منه أي في نواح .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية