الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          شفه

                                                          شفه : الشفتان من الإنسان : طبقا الفم ، الواحدة شفة ، منقوصة لام الفعل ولامها هاء ، والشفة أصلها شفهة لأن تصغيرها شفيهة ، والجمع شفاه بالهاء ، وإذا نسبت إليها فأنت بالخيار إن شئت تركتها على حالها وقلت شفي مثل دمي ويدي وعدي ، وإن شئت شفهي ، وزعم قوم أن الناقص من الشفة واو ; لأنه يقال في الجمع شفوات . قال ابن بري رحمه الله : المعروف في جمع شفة شفاه مكسرا غير مسلم ولامه هاء عند جميع البصريين ; ولهذا قالوا الحروف الشفهية ولم يقولوا الشفوية ، وحكى الكسائي إنه لغليظ الشفاه كأنه جعل كل جزء من الشفة شفة ثم جمع على هذا . الليث : إذا ثلثوا الشفة قالوا شفهات وشفوات والهاء أقيس والواو أعم لأنهم شبهوها بالسنوات ، ونقصانها حذف هائها . قال أبو منصور : والعرب تقول هذه شفة في الوصل وشفة بالهاء فمن قال : شفة ، قال : كانت في الأصل شفهة فحذفت الهاء الأصلية وأبقيت هاء العلامة للتأنيث ومن قال : شفه بالهاء أبقى الهاء الأصلية . قال ابن بري : الشفة للإنسان وقد تستعار للفرس ; قال أبو دواد :


                                                          فبتنا جلوسا على مهرنا ننزع من شفتيه الصفارا

                                                          [ ص: 106 ] الصفار : يبيس البهمى وله شوك يعلق بجحافل الخيل ، واستعار أبو عبيد الشفة للدلو ، فقال : كبن الدلو شفتها ، وقال : إذا خرزت الدلو فجاءت الشفة مائلة قيل كذا ; قال ابن سيده : فلا أدري أمن العرب سمع هذا أم هو تعبير أشياخ أبي عبيد . ورجل أشفى إذا كان لا تنضم شفتاه كالأروق ، قال : ولا دليل على صحته . ورجل شفاهي بالضم : عظيم الشفة ; وفي الصحاح : غليظ الشفة ; وفي الصحاح : غليظ الشفتين . وشافهه : أدنى شفته من شفته فكلمه ، وكلمه مشافهة ، جاءوا بالمصدر على غير فعله وليس في كل شيء قيل مثل هذا لو قلت كلمته مفاوهة لم يجز إنما تحكي من ذلك ما سمع ; هذا قول سيبويه . الجوهري : المشافهة المخاطبة من فيك إلى فيه . والحروف الشفهية : الباء والفاء والميم ، ولا تقل شفوية ; وفي التهذيب : ويقال للفاء والباء والميم شفوية وشفهية ; لأن مخرجها من الشفة ليس للسان فيها عمل . ويقال : ما سمعت منه ذات شفة أي ما سمعت منه كلمة . وما كلمته ببنت شفة أي بكلمة . وفلان خفيف الشفة أي قليل السؤال للناس . وله في الناس شفة حسنة أي ثناء حسن . وقال اللحياني : إن شفة الناس عليك لحسنة أي ثناءهم عليك حسن وذكرهم لك ، ولم يقل : شفاه الناس . ورجل شافه : عطشان لا يجد من الماء ما يبل به شفته ، قال تميم بن مقبل :


                                                          فكم وطئنا بها من شافه بطل     وكم أخذنا من انفال نفاديها

                                                          ورجل مشفوه : يسأله الناس كثيرا . وماء مشفوه : كثير الشاربة وكذلك المال والطعام . ورجل مشفوه إذا كثر سؤال الناس إياه حتى نفذ ما عنده مثل مثمود ومضفوف ومكثور عليه . وأصبحت يا فلان مشفوها مكثورا عليك : تسأل وتكلم ; قال ابن بري رحمه الله : وقد يكون المشفوه الذي أفنى ماله عياله ومن يقوته ، قال الفرزدق يصف صائدا :


                                                          عاري الأشاجع مشفوه أخو قنص     ما يطعم العين نوما غير تهويم

                                                          والشفه : الشغل . يقال : شفهني عن كذا أي شغلني . ونحن نشفه عليك المرتع والماء أي نشغله عنك أي هو قدرنا لا فضل فيه . وشفه ما قبلنا شفها : شغل عنه . وقد شفهني فلان إذا ألح عليك في المسألة حتى أنفد ما عندك . وماء مشفوه : بمعنى مطلوب . قال الأزهري : لم أسمعه لغير الليث ، وقيل : هو الذي قد كثر عليه الناس كأنهم نزحوه بشفاههم وشغلوه بها عن غيرهم . وقيل : ماء مشفوه ممنوع من ورده لقلته . ووردنا ماء مشفوها : كثير الأهل . ويقال : ما شفهت عليك من خبر فلان شيئا وما أظن إبلك إلا ستشفه علينا الماء أي تشغله . وفلان مشفوه عنا أي مشغول عنا مكثور عليه . وفي الحديث : إذا صنع لأحدكم خادمه طعاما فليقعده معه فإن كان مشفوها فليضع في يده منه أكلة أو أكلتين ، المشفوه : القليل وأصله الماء الذي كثرت عليه الشفاه حتى قل ، وقيل : أراد فإن كان مكثورا عليه أي كثرت أكلته . وحكى ابن الأعرابي : شفهت نصيبي بالفتح ولم يفسره ، ورد ثعلب عليه ذلك ، وقال : إنما هو سفهت أي نسيت .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية