الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ودل على ما لا يتناهى من غير ذلك بقوله: وزخرفا أي ذهبا وزينة عامة كاملة.

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان لفظ الزخرف دالا على كون ذلك أمرا ظاهريا متلاشيا عند التحقيق، دل عليه بقوله مؤكدا لما تقرر في النفوس من أن السادة في مثل ذلك، وما كان مقررا عندهم من أن السعيد في الأول سعيد في الآخرة على تقدير كونها: وإن أي وما كل ذلك أي الأمر البعيد عن الخير لكونه في الأغلب مبعدا مما يرضينا، ولأن صاحبه لا يزال فقيرا وإن استوسقت له الدنيا ملكا وملكا، لأنه لا بد أن يبقى في نفسه شيء لا تبلغه قدرته فهو لا يزال مغبونا لما أي إلا - هذا على قراءة عاصم وحمزة بالتشديد: وهي في قراءة الباقين بالتخفيف فارقة بين النافية والمخففة، وما مؤكدة والخبر هو متاع الحياة الدنيا أي التي اسمها دال على دناءتها وأن لها ضرة هي الآخرة، وهو منقطع بالموت، فلذلك اقتضت رحمته أن لا يضيق على المؤمنين في الأغلب لأن السعة تنقصهم في الآخرة ويطول الحساب والآخرة التي لا دار تعدلها بل لا دار الحقيقة إلى هي. [ ص: 427 ] ولما كانت الإضافة إلى الجليل دالة على جلالة المضاف إليه فقال: عند ربك وأشار بالوصف بالرب إلى أن الجلالة بالحسن والراحة، وبالإضافة إليه صلى الله عليه وسلم في أعلى الغايات للمتقين أي الذين هم دائما واقفون عن أدنى تصرف إلا بدليل لا يشاركهم فيها غيرهم، وهذا لما ذكر عمر رضي الله عنه كسرى وقيصر وما كانا فيه من النعم قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا ترضى أن يكون لهم الدنيا ولنا الأخرى" ولا يبعد أن يكون ما صار إليه الفسقة من الجبابرة من زخرفة الأبنية وتركيب السقوف وغيرها من مساوئ الفتنة بأن يكون الناس أمة واحدة بالكفر قرب الساعة حتى لا تقوم الساعة على من يقول: الله، وفي زمن الدجال من يبقى إذ ذاك على الحق في غاية القلة بحيث إنهم لا عداد لهم في جانب الكفرة لأن كلام الملوك لا يخلو عن حقيقة، وإن خرج مخرج الشرط فكيف بملك الملوك.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية