الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      [ ص: 105 ] ابن رضوان

                                                                                      الفيلسوف الباهر أبو الحسن ، علي بن رضوان بن علي بن جعفر المصري ، صاحب التصانيف وله دار كبيرة بمصر قد تهدمت .

                                                                                      كان صبيا فقيرا ، يتكسب بالتنجيم ، واشتغل في الطب ، ففاق فيه ، وأحكم الفلسفة ومذهب الأوائل وضلالهم ، فقال : أجهدت نفسي في التعليم ، فلما بلغت أخذت في الطب والفلسفة ، وكنت فقيرا ، ثم اشتهرت بالطب ، وحصلت منه أملاكا ، وأنا الآن في الستين .

                                                                                      قلت : كان أبوه خبازا ، ولما تميز خدم الحاكم بالطب فصيره رئيس الأطباء ، وعاش إلى القحط الكائن في الخمسين وأربعمائة ، فسرقت يتيمة رباها عنده نفائس وهربت ، فتعثر واضطرب ، وكان ذا سفه في بحثه ولم يكن له شيخ ، بل اشتغل بالأخذ عن الكتب ، وصنف كتابا في تحصيل الصناعة من الكتب ، وأنها أوفق من المعلمين . وهذا غلط ، وكان مسلما موحدا ومن قوله : أفضل الطاعات النظر في الملكوت ، وتمجيد المالك لها . وشرح عدة تواليف لجالينوس ، وله مقالة في دفع المضار بمصر عن الأبدان ، ورسالة في علاج داء الفيل ، ورسالة في الفالج ، ورسالة في [ ص: 106 ] بقاء النفس بعد الموت ، مقالة في نبوة نبينا -صلى الله عليه وسلم- مقالة في حدث العالم ، مقالة في الرد على محمد بن زكريا الرازي في العلم الإلهي وإثبات الرسل ، مقالة في حيل المنجمين ، وقد سرد له ابن أبي أصيبعة عدة تصانيف .

                                                                                      ثم قال مات سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية