الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5018 ) فصل : وإذا كان أحد الزوجين الحرين حر الأصل ، فلا ولاء على ولدهما ، سواء كان الآخر عربيا أو مولى ; [ ص: 288 ] لأن الأم إن كانت حرة الأصل ، فالولد يتبعها فيما إذا كان الأب رقيقا في انتفاء الرق والولاء ، فلأن يتبعها في نفي الولاء ، وحده أولى . وإن كان الأب حر الأصل فالولد يتبعه فيما إذا كان عليه ولاء ، بحيث يصير الولاء عليه لمولى أبيه ، فلأن يتبعه في سقوط الولاء عنه أولى . وهذا قول أكثر أهل العلم . وسواء كان الأب عربيا أو أعجميا ، وقال أبو حنيفة إن كان أعجميا والأم مولاة ثبت الولاء على ولده

                                                                                                                                            وليس بصحيح ; لأنه حر الأصل ، فلم يثبت الولاء على ولده ، كما لو كان عربيا . وسواء كان مسلما أو ذميا ، أو حربيا ، أو مجهول النسب أو معلومه . وهذا قول أبي يوسف ، ومالك وابن شريح . وقال القاضي : إن كان مجهول النسب ، ثبت الولاء على ولده لمولى الأم إن كانت مولاة . قال ابن اللبان : وهذا ظاهر مذهب الشافعي . وقال الخبري : هذا قول أبي حنيفة ، ومحمد ، وأحمد ; لأن مقتضى ثبوته لمولى الأم موجود ، وإنما امتنع في محل الوفاق بحرية الأب ، فإذا لم تكن معلومة فقد وقع الشك في المانع فيبقى على الأصل ، ولا يزول عن اليقين بالشك ، ولا يترك العمل بالمقتضي مع الشك في المانع

                                                                                                                                            ولنا ، أن الأب حر محكوم بحريته ، فأشبه معروف النسب ، ولأن الأصل في الآدميين الحرية وعدم الولاء ، فلا يترك هذا الأصل بالوهم في حق الولد ، كما لم يترك في حق الأب . وقولهم : مقتضى ثبوته لمولى الأم موجود . ممنوع ; فإنه إنما ثبت لمولى الأم بشرط رق الأب ، وهذا الشرط منتف حكما وظاهرا . وإن سلمنا وجود المقتضي ، فقد ثبت المانع حكما ، فإن الأب حريته ثابتة حكما ، فلا تعويل على ما قالوه

                                                                                                                                            وإن كان الأب مولى ، والأم مجهولة النسب ، فلا ولاء عليه في قولنا وقياس قول القاضي والشافعي أن يثبت الولاء عليه لمولى ابنه ; لأنا شككنا في المانع من ثبوته . ولنا ، ما ذكرنا في التي قبلها ، ولأن الأم لا تخلو من أن تكون حرة الأصل ، فلا ولاء على ولدها أو أمة فيكون ولدها عبدا ، أو مولاة فيكون على ولدها الولاء لمولى أبيه . والاحتمال الأول راجح ; لوجهين ; أحدهما ، أنه محكوم به في الأم ، فيجب الحكم به في ولدها

                                                                                                                                            الثاني ، أنه معتضد بالأصل ، فإن الأصل الحرية ، ثم لو لم يترجح هذا الاحتمال ، لكان الاحتمال الذي صاروا إليه معارضا باحتمالين ، كل واحد منهما مساو له ، فترجيحه عليهما تحكم لا يجوز المصير إليه بغير دليل ، وهذا وارد عليهم في المسألة الأولى أيضا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية