الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (8) قوله: في أي صورة : يجوز فيه أوجه، أحدها: أن يتعلق بـ "ركبك" و"ما" مزيدة على هذا، و"شاء" صفة لـ "صورة"، [ ص: 711 ] ولم يعطف "ركبك" على ما قبله بالفاء، كما عطف ما قبله بها; لأنه بيان لقوله: "فعدلك". والتقدير: فعدلك: ركبك في أي صورة من الصور العجيبة الحسنة التي شاءها. والمعنى: وضعك في صورة اقتضتها مشيئته: من حسن وقبح وطول وقصر وذكورة وأنوثة. الثاني: أن يتعلق بمحذوف على أنه حال، أي: ركبك حاصلا في بعض الصور. الثالث: أنه يتعلق بعدلك، نقله الشيخ عن بعض المتأولين، ولم يعترض عليه، وهو معترض: بأن في "أي" معنى الاستفهام، فلها صدر الكلام فكيف يعمل فيها ما تقدمها؟

                                                                                                                                                                                                                                      وكأن الزمخشري استشعر هذا فقال: "ويكون في "أي" معنى التعجب، أي: فعدلك في أي صورة عجيبة". وهذا لا يحسن أن يكون مجوزا لتقدم العامل على اسم الاستفهام، وإن دخله معنى التعجب. ألا ترى أن كيف وأنى وإن دخلهما معنى التعجب لا يتقدم عاملهما عليهما. وقد اختلف النحويون في اسم الاستفهام إذا قصد به الاستثبات: هل يجوز تقديم عامله أم لا؟ والصحيح أنه لا يجوز، وكذلك لا يجوز أن يتقدم عامل "كم" الخبرية عليها لشبهها في اللفظ بالاستفهامية فهذا أولى، وعلى تعلقها بـ "عدلك" تكون "ما" منصوبة بـ "شاء"، أي: ركبك ما شاء من التركيب، أي: تركيبا حسنا، قاله الزمخشري ، فظاهره أنها منصوبة على المصدر. [ ص: 712 ] وقال أبو البقاء : ويجوز أن تكون "ما" زائدة، وأن تكون شرطية، وعلى الأمرين: الجملة نعت لـ "صورة"، والعائد محذوف، أي: ركبك عليها. و"في" تتعلق بـ "ركبك". وقيل: لا موضع للجملة; لأن "في" تتعلق بأحد الفعلين، والجميع كلام واحد، وإنما تقدم الاستفهام على "ما" هو حقه. قوله: "بأحد الفعلين"، يعني: شاء وركبك. وتحصل في "ما" ثلاثة أوجه: الزيادة، وكونها شرطية، وحيئنذ جوابها محذوف، والنصب على المصدرية، أي: واقعة موقع مصدر.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية