الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          شكك

                                                          شكك : الشك : نقيض اليقين ، وجمعه شكوك ، وقد شككت في كذا وتشككت وشك في الأمر يشك شكا وشككه فيه غيره ; أنشد ثعلب :


                                                          من كان يزعم أن سيكتم حبه حتى يشكك فيه فهو كذوب

                                                          أراد حتى يشكك فيه غيره ، وفي الحديث : أنا أولى بالشك من إبراهيم لما نزل قوله تعالى : أولم تؤمن قال بلى قال قوم لما سمعوا الآية : شك إبراهيم ولم يشك نبينا - صلى الله عليه وسلم - ، فقال عليه السلام تواضعا منه وتقديما لإبراهيم على نفسه : أنا أحق بالشك من إبراهيم ، أي أنا لم أشك وأنا دونه فكيف يشك هو ؟ وهذا كحديثه الآخر : لا تفضلوني على يونس بن متى ; قال محمد بن المكرم : نقلت هذا الكلام على نصه ، وفي قلمي نبوة عن قوله وأنا دونه ، ولقد كان في قوله : أنا لم أشك فكيف يشك هو كفاية ، وغنى عن قوله وأنا دونه وليس في ذلك مناسبة لقوله لا تفضلوني على يونس بن متى ، فليس هذا مما يدل على أن يونس بن متى أفضل منه ، ولكنه يعطي معنى التأدب مع الأنبياء صلوات الله عليهم ، أي ، وإن كنت أفضل منه فلا تفضلوني عليه تواضعا منه وشرف أخلاق ، صلوات الله عليه . وقولهم : صمت الشهر الذي شكه الناس ; يريدون شك فيه الناس . والشكوك : الناقة التي يشك في سنامها أبه طرق أم لا لكثرة وبرها فيلمس سنامها ، والجمع شك . وشكه بالرمح والسهم ونحوهما يشكه شكا : انتظمه ، وقيل : لا يكون الانتظام شكا إلا أن يجمع بين شيئين بسهم أو رمح أو نحوه . وشككته بالرمح إذا خزقته وانتظمته ; قال طرفة :


                                                          حفافيه شكا في العسيب بمسرد

                                                          ، وقال عنترة :


                                                          وشككت بالرمح الأصم ثيابه     ليس الكريم على القنا بمحرم

                                                          ، وفي حديث الخدري : أن رجلا دخل بيته فوجد حية فشكها بالرمح أي خزقها وانتظمها به . والشكة : السلاح ، وقيل : الشكة ما يلبس من السلاح ، ومن ثم قيل : شاك في سلاحه أي داخل فيه ، وكل شيء أدخلته في شيء فقد شككته . والشكة : خشبة عريضة تجعل في خرت الفأس ونحوه يضيق بها . ويقال : رجل شاك السلاح وشاك في السلاح والشاك في السلاح ، وهو اللابس السلاح التام . وقوم شكاك في الحديد . وفي حديث فداء عياش بن أبي ربيعة : فأبى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يفديه إلا بشكة أبيه أي بسلاحه . وفي حديث محلم بن جثامة : فقام رجل عليه شكة . وشك في السلاح : دخل . ويقال : هو شاك في السلاح ، وقد خفف فقيل : شاك السلاح وشاك السلاح وتفسيره في المعتل ، وقد شك فيه ، فهو يشك شكا أي لبسه تاما فلم يدع منه شيئا ، فهو شاك فيه . أبو عبيد : فلان شاك السلاح مأخوذ من الشكة أي تام السلاح . والشاكي بالتخفيف والشائك جميعا : ذو الشوكة والحد في سلاحه . ابن الأعرابي : شك إذا ألحق بنسب غيره ، وشك إذا ظلع وغمز . أبو الجراح : واحد الشواك شاك ، وقال غيره شاكة ، وهو ورم يكون في الحلق وأكثر ما يكون في الصبيان . والشكائك من الهوادج : ما شك من عيدانها التي تقبب بها بعضها في بعض ; قال ذو الرمة :


                                                          وما خفت بين الحي حتى تصدعت     على أوجه شتى حدوج الشكائك

                                                          والشك : لزوق العضد بالجنب ، وقيل : هو أيسر من الظلع . وشك يشك شكا ، وبعير شاك : أصابه ذلك . والشك : اللزوم واللصوق ; قال أبو دهبل الجمحي :


                                                          درعي دلاص شكها شك عجب     وجوبها القاتر من سير اليلب

                                                          وفي حديث الغامدية : أنه أمر بها فشكت عليها ثيابها ثم رجمت أي جمعت عليها ولفت لئلا تنكشف كأنها نظمت وزرت عليها بشوكة أو خلال ، وقيل : معناه أرسلت عليها ثيابها . والشك : الاتصال واللصوق . وشك البعير يشك شكا أي ظلع ظلعا خفيفا ; ومنه قول ذي الرمة يصف ناقته وشبهها بحمار وحش :


                                                          وثب المسحج من عانات معقلة     كأنه مستبان الشك أو جنب

                                                          يقول : تثب هذه الناقة وثب الحمار الذي هو في تمايله في المشي من النشاط كالجنب الذي يشتكي جنبه . والشكيكة : الفرقة من الناس . والشكائك : الفرق من الناس . ودعه على شكيكته أي طريقته ، والجمع شكائك ، على القياس ، وشكك نادرة . ورجل مختلف الشكة والشكة : متفاوت الأخلاق . ابن الأعرابي : الشكك الأدعياء ، والشكك الجماعات من العساكر يكونون فرقا وقول ابن مقبل يصف الخيل :


                                                          بكل أشق مقصوص الذنابى     بشكيات فارس قد شجينا

                                                          [ ص: 119 ] يعني اللجم . والشك : الحلة التي تلبس ظهور السيتين . التهذيب : يقال شك القوم بيوتهم يشكونها شكا إذا جعلوها على طريقة واحدة ونظم واحد ، وهي الشكاك للبيوت المصطفة ; قال الفرزدق :


                                                          فإني كما قالت نوار إن اجتلت     على رجل ما شك كفي خليلها

                                                          أي ما قارن ، ورحم شاكة أي قريبة ، وقد شكت إذا اتصلت . وضربوا بيوتهم شكاكا أي صفا واحدا ، وقال ثعلب : إنما هو سكاك يشتقه من السكة ، وهو الزقاق الواسع . أبو سعيد : كل شيء إذا ضممته إلى شيء فقد شككته ; قال الأعشى :


                                                          أو اسفنط عانة بعد الرقا     د شك الرصاف إليها الغديرا

                                                          ومنه قول لبيد :


                                                          جمانا ومرجانا يشك المفاصلا

                                                          أراد بالمفاصل ضروب ما في العقد من الجواهر المنظومة ، وفي حديث علي : خطبهم على منبر الكوفة وهو غير مشكوك أي غير مشدود ، ومنه قصيد كعب :


                                                          بيض سوابغ قد شكت لها حلق     كأنها حلق القفعاء مجدول

                                                          ، ويروى بالسين المهملة من السكك ، وهو الضيق ، وقد تقدم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية