الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله أي الجنة ، فهو من التعبير بالحال عن المحل ، والظرفية حقيقية ، وقد يراد بها الثواب ، فالظرفية حينئذ مجازية كما يقال : في نعيم دائم وعيش رغد وفيه إشارة إلى كثرته وشموله للمذكورين شمول الظرف ، ولا يجوز أن يراد بالرحمة ما هو صفة له تعالى ؛ إذ لا يصح فيها الظرفية ويدل على ما ذكر مقابلتها بالعذاب ومقارنتها للخلود في قوله تعالى : هم فيها خالدون (107) وإنما عبر عن ذلك بالرحمة إشعارا بأن المؤمن وإن استغرق عمره في طاعة الله تعالى فإنه لا ينال ما ينال إلا برحمته تعالى ، ولهذا ورد في الخبر : " لن يدخل أحدكم الجنة عمله ، فقيل له : حتى أنت يا رسول الله ؟ فقال : حتى أنا إلا أن يتغمدني الله تعالى برحمته " .

                                                                                                                                                                                                                                      وجملة ( هم فيها خالدون ) استئنافية وقعت جوابا عما نشأ من السياق كأنه قيل : كيف يكونون فيها ؟ فأجيب بما ترى ، وفيها تأكيد في المعنى لما تقدم ، وقيل : خبر بعد خبر وليس بشيء ، وتقديم الظرف للمحافظة على رءوس الآي ، والضمير المجرور للرحمة ، ومن أبعد البعيد جعله للدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خلافا لمن قال به ، وجعل الكلام عليه بيانا لسبب كونهم في رحمة الله تعالى ، وكون مقابلهم في العذاب كأنه قيل : ما بالهم في رحمة الله تعالى ؟ فأجيب بأنهم كانوا خالدين في الخيرات ، وقرئ : ابياضت واسوادت .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية