الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 92 ] ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون

                                                                                                                                                                                                                                      ولقد كنتم تمنون الموت أي: تتمنون الحرب فإنها من مبادئ الموت أو الموت بالشهادة، والخطاب للذين لم يشهدوا بدرا وكانوا يتمنون أن يشهدوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مشهدا لينالوا ما ناله شهداء بدر من الكرامة فألحوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخروج ثم ظهر منهم خلاف ذلك. من قبل أن تلقوه متعلق بـ "تمنون" مبين لسبب إقدامهم على التمني من قبل أن تشاهدوه وتعرفوا هوله وشدته. وقرئ "تلاقوه". فقد رأيتموه أي: ما تتمنونه من أسباب الموت أو الموت بمشاهدة أسبابه. وقوله تعالى: وأنتم تنظرون حال من ضمير المخاطبين وفي إيثار الرؤية على الملاقاة وتقييدها بالنظر مزيد مبالغة في مشاهدتهم له، والفاء فصيحة كأنه قيل: إن كنتم صادقين في تمنيكم ذلك فقد رأيتموه معاينين له حين قتل بين أيديكم من قتل من إخوانكم وأقاربكم وشارفتم أن تقتلوا، فلم فعلتم ما فعلتم؟ وهو توبيخ لهم على تمنيهم الحرب وتسببهم لها ثم جبنهم وانهزامهم لا على تمني الشهادة بناء على تضمنها لغلبة الكفار لما أن مطلب من يتمناها نيل كرامة الشهداء من غير أن يخطر بباله شيء غير ذلك فلا يستحق العتاب من تلك الجهة.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية