الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          شكل

                                                          شكل : الشكل بالفتح : الشبه والمثل ، والجمع أشكال وشكول ; وأنشد أبو عبيد :


                                                          فلا تطلبا لي أيما إن طلبتما فإن الأيامى لسن لي بشكول

                                                          وقد تشاكل الشيئان وشاكل كل واحد منهما صاحبه . أبو عمرو : في فلان شبه من أبيه وشكل وأشكلة وشكلة وشاكل ومشاكلة . وقال الفراء في قوله تعالى : وآخر من شكله أزواج قرأ الناس وآخر إلا مجاهدا ، فإنه قرأ : وأخر ; وقال الزجاج : من قرأ وآخر من شكله ; فآخر عطف على قوله حميم وغساق أي وعذاب آخر من شكله أي من مثل ذلك الأول ; ومن قرأ وأخر فالمعنى وأنواع أخر من شكله ; لأن معنى قوله : أزواج أنواع . والشكل : المثل تقول : هذا على شكل هذا أي على مثاله . وفلان شكل فلان أي مثله في حالاته . ويقال : هذا من شكل هذا أي من ضربه ونحوه ، وهذا أشكل بهذا أي أشبه . والمشاكلة : الموافقة ، والتشاكل مثله . والشاكلة : الناحية والطريقة والجديلة . وشاكلة الإنسان : شكله وناحيته وطريقته . وفي التنزيل العزيز : قل كل يعمل على شاكلته أي على طريقته وجديلته ومذهبه ; وقال الأخفش : على شاكلته أي على ناحيته وجهته وخليقته . وفي الحديث : فسألت أبي عن شكل النبي - صلى الله عليه وسلم - أي عن مذهبه وقصده ، وقيل : عما يشاكل أفعاله . والشكل بالكسر الدل ، وبالفتح : المثل والمذهب . وهذا طريق ذو شواكل أي تتشعب منه طرق جماعة . وشكل الشيء : صورته المحسوسة والمتوهمة ، والجمع كالجمع . وتشكل الشيء : تصور ، وشكله : صوره . وأشكل الأمر : التبس . وأمور أشكال : ملتبسة ، وبينهم أشكلة أي لبس . وفي حديث علي عليه السلام : وأن لا يبيع من أولاد نخل هذه القرى ودية حتى تشكل أرضها غراسا أي حتى يكثر غراس النخل فيها ، فيراها الناظر على غير الصفة التي عرفها بها ، فيشكل عليه أمرها . والأشكلة والشكلاء : الحاجة . الليث : الأشكال الأمور والحوائج المختلفة فيما يتكلف منها ويهتم لها ; وأنشد للعجاج :


                                                          وتخلج الأشكال دون الأشكال

                                                          الأصمعي : يقال لنا عند فلان روبة وأشكلة ، وهما الحاجة ، ويقال للحاجة أشكلة وشاكلة وشوكلاء بمعنى واحد . والأشكل من الإبل والغنم : الذي يخلط سواده حمرة أو غبرة كأنه قد أشكل عليك لونه ، وتقول في غير ذلك من الألوان : إن فيه لشكلة من لون كذا وكذا ، كقولك : أسمر فيه شكلة من سواد ، والأشكل في سائر الأشياء : بياض وحمرة قد اختلطا ; قال ذو الرمة :


                                                          ينفحن أشكل مخلوطا تقمصه     مناخر العجرفيات الملاجيج

                                                          وقول الشاعر :


                                                          فما زالت القتلى تمور دماؤها     بدجلة حتى ماء دجلة أشكل

                                                          قال أبو عبيدة : الأشكل فيه بياض وحمرة . ابن الأعرابي : الضبع فيها غثرة وشكلة لونان فيه سواد وصفرة سمجة . وقال شمر : الشكلة الحمرة تختلط بالبياض . وهذا شيء أشكل ، ومنه قيل للأمر المشتبه مشكل . وأشكل علي الأمر إذا اختلط ، وأشكلت علي الأخبار وأحكلت بمعنى واحد . والأشكل عند العرب : اللونان المختلطان . ودم أشكل إذا كان فيه بياض وحمرة ; قال ابن دريد : إنما سمي الدم أشكل للحمرة والبياض المختلطين فيه . قال ابن سيده : والأشكل من سائر الأشياء الذي فيه حمرة وبياض قد اختلط ، وقيل : هو الذي فيه بياض يضرب إلى حمرة وكدرة ، قال :


                                                          كشائط الرب عليه الأشكل

                                                          وصف الرب بالأشكل ; لأنه من ألوانه واسم اللون الشكلة ، والشكلة في العين منه ، وقد أشكلت . ويقال : فيه شكلة من سمرة وشكلة من سواد ، وعين شكلاء بينة الشكل ، ورجل أشكل العين . وفي حديث علي - رضي الله عنه - : في عينيه شكلة ، قال أبو عبيد : الشكلة كهيئة الحمرة تكون في بياض العين ، فإذا كانت في سواد العين فهي شهلة ; وأنشد :


                                                          ولا عيب فيها غير شكلة عينها     كذاك عتاق الطير شكل عيونها

                                                          عتاق الطير : هي الصقور والبزاة ولا توصف بالحمرة ، ولكن توصف بزرقة العين وشهلتها . قال : ويروى هذا البيت : غير شهلة عينها ، وقيل : الشكلة في العين الصفرة التي تخالط بياض العين الذي حول الحدقة على صفة عين الصقر ، ثم قال : ولكنا لم نسمع [ ص: 120 ] الشكلة إلا في الحمرة ولم نسمعها في الصفرة ; وأنشد :


                                                          ونحن حفزنا الحوفزان بطعنة     سقته نجيعا من دم الجوف أشكلا

                                                          قال : فهو هاهنا حمرة لا شك فيه . وقوله في صفة سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان ضليع الفم أشكل العين منهوس العقبين ; فسره سماك بن حرب بأنه طويل شق العين ; قال ابن سيده : وهذا نادر ، قال : ويمكن أن يكون من الشكلة المتقدمة ، وقال ابن الأثير في صفة أشكل العين ، قال : أي في بياضها شيء من حمرة ، وهو محمود محبوب ; يقال : ماء أشكل إذا خالطه الدم . وفي حديث مقتل عمر - رضي الله عنه - : فخرج النبيذ مشكلا أي مختلطا بالدم غير صريح وكل مختلط مشكل . وتشكل العنب : أينع بعضه . المحكم : شكل العنب وتشكل اسود وأخذ في النضج ; فأما قوله أنشده ابن الأعرابي :


                                                          ذرعت بهم دهس الهدملة أينق     شكل الغرور ، وفي العيون قدوح

                                                          ، فإنه عنى بالشكلة هنا لون عرقها ، والغرور هنا : جمع غر ، وهو تثني جلودها . وفيه شكلة من دم أي شيء يسير . وشكل الكتاب يشكله شكلا وأشكله : أعجمه . أبو حاتم : شكلت الكتاب أشكله ، فهو مشكول ، إذا قيدته بالإعراب ، وأعجمت الكتاب إذا نقطته . ويقال أيضا : أشكلت الكتاب بالألف كأنك أزلت به عنه الإشكال والالتباس ; قال الجوهري : وهذا نقلته من كتاب من غير سماع . وحرف مشكل : مشتبه ملتبس . والشكال : العقال ، والجمع شكل ; وشكلت الطائر وشكلت الفرس بالشكال . وشكل الدابة يشكلها شكلا وشكلها : شد قوائمها بحبل ، واسم ذلك الحبل الشكال ، والجمع شكل . والشكال في الرحل : خيط يوضع بين الحقب والتصدير ; لئلا يلح الحقب على ثيل البعير فيحقب أي يحتبس بوله ، وهو الزوار أيضا . والشكال أيضا : وثاق بين الحقب والبطان ، وكذلك الوثاق بين اليد والرجل . وشكلت عن البعير إذا شددت شكاله بين التصدير والحقب ، أشكل شكلا . والمشكول من العروض : ما حذف ثانيه وسابعه نحو حذفك ألف فاعلاتن والنون منها ، سمي بذلك لأنك حذفت من طرفه الآخر ومن أوله فصار بمنزلة الدابة الذي شكلت يده ورجله . والمشاكل من الأمور : ما وافق فاعله ونظيره . ويقال : شكلت الطير وشكلت الدابة . والأشكال : حلي يشاكل بعضه بعضا يقرط به النساء ; قال ذو الرمة :


                                                          سمعت من صلاصل الأشكال     أدبا على لباتها الحوالي
                                                          هز السنى في ليلة الشمال

                                                          وشكلت المرأة شعرها : ضفرت خصلتين من مقدم رأسها عن يمين وعن شمال ثم شدت بها سائر ذوائبها . والشكال في الخيل : أن تكون ثلاث قوائم منه محجلة والواحدة مطلقة ; شبه بالشكال وهو العقال ، وإنما أخذ هذا من الشكال الذي تشكل به الخيل ، شبه به ; لأن الشكال إنما يكون في ثلاث قوائم ، وقيل : هو أن تكون الثلاث مطلقة والواحدة محجلة ، ولا يكون الشكال إلا في الرجل ، ولا يكون في اليد ، والفرس مشكول ، وهو يكره . وفي الحديث : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كره الشكال في الخيل وهو أن تكون ثلاث قوائم محجلة وواحدة مطلقة تشبيها بالشكال الذي تشكل به الخيل ; لأنه يكون في ثلاث قوائم غالبا ، وقيل : هو أن تكون الواحدة محجلة والثلاث مطلقة ، وقيل : هو أن تكون إحدى يديه وإحدى رجليه من خلاف محجلتين ، وإنما كرهه لأنه كالمشكول صورة تفاؤلا ، قال : ويمكن أن يكون جرب ذلك الجنس فلم يكن فيه نجابة ، وقيل : إذا كان مع ذلك أغر زالت الكراهة لزوال شبه الشكال . ابن الأعرابي : الشكال أن يكون البياض في رجليه ، وفي إحدى يديه . وفرس مشكول : ذو شكال . قال أبو منصور : وقد روى أبو قتادة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : خير الخيل الأدهم الأقرح المحجل الثلاث طلق اليمنى أو كميت مثله ; قال الأزهري : والأقرح الذي غرته صغيرة بين عينيه ، وقوله طلق اليمنى ليس فيها من البياض شيء ، والمحجل الثلاث التي فيها بياض . وقال أبو عبيدة : الشكال أن يكون بياض التحجيل في رجل واحدة ويد من خلاف قل البياض أو كثر ، وهو فرس مشكول . ابن الأعرابي : الشاكل البياض الذي بين الصدغ والأذن . وحكي عن بعض التابعين : أنه أوصى رجلا في طهارته ، فقال : تفقد المنشلة والمغفلة والروم والفنيكين والشاكل والشجر . وورد في الحديث أيضا : تفقدوا في الطهور الشاكلة والمغفلة والمنشلة ; المغفلة : العنفقة نفسها والمنشلة : ما تحت حلقة الخاتم من الإصبع ، والروم : شحمة الأذن والشاكل : ما بين العذار والأذن من البياض . وشاكلة الشيء : جانبه ، قال ابن مقبل :


                                                          وعمدا تصدت يوم شاكلة الحمى     لتنكأ قلبا قد صحا وتنكرا

                                                          وشاكلة الفرس : الذي بين عرض الخاصرة والثفنة ، وهو موصل الفخذ في الساق . والشاكلتان : ظاهر الطفطفتين من لدن مبلغ القصيرى إلى حرف الحرقفة من جانبي البطن . والشاكلة : الخاصرة ، وهي الطفطفة . وفي الحديث : أن ناضحا تردى في بئر فذكي من قبل شاكلته أي خاصرته . والشكلاء من النعاج : البيضاء الشاكلة . ونعجة شكلاء إذا ابيضت شاكلتاها وسائرها أسود ، وهي بينة الشكل . والأشكل من الشاء : الأبيض الشاكلة . والشواكل من الطرق : ما انشعب عن الطريق الأعظم . والشكل : غنج المرأة وغزلها وحسن دلها شكلت شكلا فهي شكلة ، يقال : إنها شكلة مشكلة حسنة الشكل ، وفي تفسير المرأة العربة أنها الشكلة بفتح الشين وكسر الكاف ، وهي ذات الدل . والشكل : المثل . والشكل بالكسر : الدل ويجوز هذا في هذا ، وهذا في هذا . والشكل للمرأة : ما تتحسن به من الغنج . يقال : امرأة ذات شكل . وأشكل النخل : طاب رطبه وأدرك . والأشكل : السدر الجبلي ، واحدته أشكلة . قال أبو حنيفة : أخبرني بعض العرب أن الأشكل [ ص: 121 ] شجر مثل شجر العناب في شوكه وعقف أغصانه ، غير أنه أصغر ورقا وأكثر أفنانا ، وهو صلب جدا وله نبيقة حامضة شديدة الحموضة ، منابته شواهق الجبال تتخذ منه القسي ، وإذا لم تكن شجرته عتيقة متقادمة كان عودها أصفر شديد الصفرة ، وإذا تقادمت شجرته واستتمت جاء عودها نصفين : نصفا شديد الصفرة ، ونصفا شديد السواد ; قال العجاج ووصف المطايا وسرعتها :


                                                          معج المرامي عن قياس الأشكل

                                                          قال : ونبات الأشكل مثل شجر الشريان ; وقد أوردوا هذا الشعر الذي للعجاج :


                                                          يغلو بها ركبانها وتغتلي     عوجا كما اعوجت قياس الأشكل

                                                          قال ابن بري : الذي في شعره :


                                                          معج المرامي عن قياس الأشكل

                                                          والمعج : المر ، والمرامي السهام ، الواحدة مرماة ; وقال آخر :


                                                          أو وجبة من جناة أشكلة

                                                          يعني سدرة جبلية . ابن الأعرابي : الشكل ضرب من النبات أصفر وأحمر . وشكلة : اسم امرأة . و بنو شكل : بطن من العرب . والشوكل : الرجالة ، وقيل الميمنة والميسرة ; كل ذلك عن الزجاجي . الفراء : الشوكلة الرجالة ، والشوكلة الناحية ، والشوكلة العوسجة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية