الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      [ ص: 600 ] في شركة الحمالين على رءوسهما أو دوابهما قلت : هل تجوز الشركة - في قول مالك - بين الجمالين والبغالين والحمالين على رءوسهم وجميع الأكرياء الذين يكرون الدواب ؟ قال : لا يجوز ذلك . قلت : لم لا يجوز ذلك ؟ ولم لا يجعل هذا بمنزلة الشركة في عمل الأيدي ؟ قال : ألا ترى أن مالكا ، لم يجوز الشركة في عمل الأيدي إلا أن يجتمعا في حانوت واحد ، ويكون عملهما نوعا واحدا ، سراجين أو خياطين ، ودواب هذا تعمل في ناحية ، ودواب هذا تعمل في ناحية ، فهذا غير جائز ، إلا أن يعملا في موضع واحد لا يختلفان ، مثل أن يتقبلا الشيء يحملانه جميعا ، ويتعاونان فيه جميعا . ألا ترى أيضا أن الشركة لا تجوز بين أهل الصناعات إذا كانت الأداة لأحدهما دون الآخر ؟ ولم يجوز الشركة بينهما أيضا إذا كانت الأداة بعضها من هذا وبعضها من هذا ، إذا كانت الأداة كثيرة لها قيمة مختلفة ، حتى يكونا شريكين في جميع الأداة . فتكون الأداة التي يعملان بها بينهما جميعا ، فما ضاع منها أو تلف ، فمنهما جميعا . وما سلم منها فمنهما جميعا . وإن كانت الأداة تافهة يسيرة ، فلا بأس أن يتطاول بها أحدهما على صاحبه . فهذا أيضا يدلك على أن الشركة بالدواب غير جائزة ولو استأجر الذي لا أداة له من شريكه نصف الأداة ، واشتركا كان ذلك جائزا على مثل الشركة في الأرض . وقد فسرت لك ذلك .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية