الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 196 ] 436 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في النجباء من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين أعطيهم

2768 - حدثنا سليمان بن شعيب الكيساني ، قال : حدثنا خالد بن عبد الرحمن الخراساني ، عن فطر بن خليفة ، عن كثير أبي إسماعيل ، عن عبد الله بن مليل ، عن علي رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنه لم يكن نبي إلا أعطي سبعة نجباء ، ووزراء ، ورفقاء ، وإني أعطيت أربعة عشرة : حمزة ، وجعفرا ، وأبا بكر ، وعمر ، وعليا ، والحسن ، والحسين ، وعبد الله بن مسعود ، وسلمان ، وعمارا ، وحذيفة ، وأبا ذر ، والمقداد ، وبلالا .

2769 - وحدثنا فهد بن سليمان ، قال : حدثنا أبو نعيم ، قال : [ ص: 197 ] حدثنا فطر ، عن كثير بياع النوى ، قال : سمعت عبد الله بن مليل ، قال : سمعت عليا رضي الله عنه يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم ذكر مثله .

وحدثنا أبو أمية ، قال : حدثنا خلف بن الوليد العتكي ، قال : حدثنا الأشجعي ، قال : حدثنا سفيان ، عن سالم بن أبي حفصة ، عن عبد الله بن مليل ، عن علي رضي الله عنه قال : إن لكل نبي سبعة نجباء من أمته ، وإن لنبينا

صلى الله عليه وسلم أربعة عشر نجيبا ، منهم : أبو بكر ، وعمر
.

[ ص: 198 ]

وحدثنا عبد الملك بن مروان الرقي ، قال : حدثنا الفريابي ، عن سفيان ، عن سالم بن أبي حفصة ، قال : بلغني عن عبد الله بن مليل هذا الحديث ، فأتيته أسأله عنه ، فوجدتهم في جنازته ، فحدثني رجل عنه ، قال : سمعت علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول : أعطي كل نبي سبعة نجباء ، وأعطي النبي صلى الله عليه وسلم أربعة عشر نجيبا ، منهم : أبو بكر ، وعمر رضي الله عنهما .

قال أبو جعفر : ففي هذا الحديث ، عن سالم بن أبي حفصة أنه أخذه عن رجل لم يسمه ، عن عبد الله بن مليل ، وقد يحتمل أن يكون ذلك الرجل الذي أخذه عنه هو كثير النواء ، فإن كان كذلك ، فقد عاد حديث سالم هذا إلى مثل حديث فطر في الإسناد سواء .

2770 - وقد حدثنا أبو أمية ، قال : حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس ، قال : حدثنا سعد أبو غيلان الشيباني ، قال : حدثنا كثير بياع [ ص: 199 ] النوى ، يكنى أبا إسماعيل ، قال : حدثنا يحيى ابن أم طويل الثمالي ، عن عبد الله بن مليل البجلي ، قال : قال علي رضي الله عنه وهو على المنبر : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لكل نبي سبعة رفقاء نجباء ، ولي أربعة عشر ، قال علي : أنا ، وابناي ، وحمزة ، وجعفر ، وأبو بكر ، وعمر ، وأبو ذر ، والمقداد ، وسلمان ، وحذيفة ، وابن مسعود ، وعمار بن ياسر ، وبلال .

قال : ففي هذا الحديث إدخال يحيى ابن أم طويل بين كثير النواء ، وبين عبد الله بن مليل ، ويحيى ابن أم طويل هذا فغير معروف ، فذكر بعض الناس أن هذا الحديث قد فسد إسناده بذلك ، ولم يكن ذلك عندنا كما ذكر ؛ لأن فطر بن خليفة عند أهل العلم بالحديث حجة ، وسعد أبو غيلان فليس بمعروف ، ولا يصلح أن يعارض فطر في روايته بمثله ، وإذا كان ذلك كذلك سقط ما روى سعد هذا الحديث به ، وثبت ما رواه فطر به .

وقد روي عن عمر رضي الله عنه في ذكره النجباء من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قد حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا وهب بن جرير ، عن [ ص: 200 ] شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن حارثة بن المضرب ، قال : قرأت كتاب عمر رضي الله عنه إلى أهل الكوفة : أما بعد ، فإني بعثت إليكم عمارا أميرا ، وعبد الله بن مسعود وزيرا ، وهما من النجباء من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، فاسمعوا لهما ، واقتدوا بهما ، وإني قد آثرتكم بعبد الله على نفسي أثرة .

قال أبو جعفر : فسأل سائل عن النجباء من هم ؟ فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه : أنهم الرفعاء بما رفعهم الله عز وجل به من الأعمال الصالحة والأمور المحمودة .

قال : فليس في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من النجباء غير من ذكر في هذا الحديث ؟ .

فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه : أنه قد يحتمل أن يكون النجباء من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم عدد أكثر من عدد من ذكر في هذا الحديث ، ولكن ذكر منهم في هذا الحديث هذا العدد الذي ذكر منهم فيه بغير نفي أن يكون فيهم سواهم من ذلك الجنس ، كما يقول الرجل لي من المال آلاف دنانير ، وآلاف دراهم ، وذلك لا ينفي أن يكون له من المال أكثر من آلاف دنانير ، وآلاف دراهم ، فمثل ذلك ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنجابة من ذكره لها من أصحابه ممن سماه في هذا الحديث ، ليس فيه نفي النجابة عن من سواهم من هم منهم ، والله عز وجل نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية