الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما نزه ذاته الأقدس وأثبت لنفسه استحقاق الإلهية بالإجماع من خلقه بما ركزه في فطرهم وهداهم إليه بعقولهم، أتبع ذلك أدلة أخرى بإثبات كل كمال بما تسعه العقول وبما لا تسعه مصرحا بالملك فقال: وتبارك أي ثبت ثباتا لا يشبهه ثبات لأنه لا زوال مع التيمن والبركة وكل كمال، فلا تشبيه له حتى يدعى أنه ولد له [ ص: 494 ] أو شريك، ثم وصفه بما يبين تباركه واختصاصه بالإلهية فقال: الذي له ملك السماوات أي كلها والأرض كذلك وما بينهما وبين كل اثنين منها، والدليل على هذا الإجماع القائم على توحيده عند الاضطرار.

                                                                                                                                                                                                                                      لما ثبت اختصاصه بالملك وكان الملك لا يكون إلا عالما بملكه وكان ربما ادعى مدع وتكذب معاند في الملك أو العلم، قطع الأطماع بقوله: وعنده أي وحده علم الساعة سائقا له مساق ما هو معلوم الكون، لا مجال للخلاف فيه إشارة إلى ما عليها من الأدلة القطعية المركوزة في الفطرة الأولى فكيف بما يؤدي إليه الفكر من الذكر المنبه عليه السمع، ولأن من ثبت اختصاصه بالملك وجب قبول أخباره لذاته، وخوفا من سطواته، ورجاء في بركاته وإليه أي وحده لا إلى غيره بعد قيام الساعة ترجعون بأيسر أمر تحقيقا لملكه وقطعا للنزاع في وحدانيته، وقراءة الجماعة وهم من عدا ابن كثير وحمزة والكسائي وورش عن يعقوب بالخطاب أشد تهديدا من قراءة الباقين بالغيب، وأدل على تناهي الغضب على من لا يقبل إليه بالمتاب بعد رفع كل ما يمكن أن يتسبب عنه ارتياب.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية