الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      في الشركة بالمالين يشترط أحدهما أن يعمل ولا يعمل الآخر قلت : هل يجوز أن أخرج ألف درهم ، ورجل آخر ألف درهم ، فنشترك على أن الربح بيننا نصفين والوضيعة علينا نصفين ، على أن يعمل أحدنا دون صاحبه ؟ قال مالك : لا تجوز هذه الشركة بينهما ، إلا أن يستويا في رأس المال وفي العمل . قلت : فإن أخرج أحدهما ألف درهم ، والآخر ألفي درهم ، فاشتركا على أن الربح بينهما نصفين والوضيعة بينهما نصفين ، أو اشترطا أن الوضيعة والربح على قدر رءوس أموالهما ، على أن يعمل صاحب الألف بجميع المال وحده ، ويكون عليه العمل وحده ؟ قال : قال مالك : لا خير في هذه الشركة . وقال ابن القاسم : ويصنع فيها إن عمل صاحب الألف بجميع المال ، فربح كما وصفت لك في الشركة الفاسدة ، ويأخذ صاحب الألفين رأس ماله ألفين وصاحب الألف رأس ماله ألفا .

                                                                                                                                                                                      ثم يقتسمان الربح على قدر رءوس أموالهما ، والوضيعة على قدر رءوس أموالهما ، وللعامل الذي عمل في المال من الأجر بحال ما وصفت لك . قال : وأصل هذا ، أن الشركة لا تجوز عند مالك ، إلا أن يجتمعا في العمل ، يتكافآن فيه على قدر رءوس أموالهما قلت : أرأيت صاحب الألف الذي عمل في جميع المال في ألفه وألفي شريكه على أن الربح بينهما ، أو على أن له ثلثي الربح ، لم لا تجعله [ ص: 610 ] مقارضا في الألفين اللذين أخذهما من صاحبه ، وتجعل للعامل صاحب الألف ثلث الربح للألف التي هي رأس ماله ، وتجعله كأنه أخذ الألفين من شريكه مقارضة بالسدس ، لأنه شرط نصف ربح الألف ، فكان ثلث الربح له بألفه ، وسدس ربع الجميع بما عمل في رأس مال صاحبه ؟ قال : لا يجوز هذا عند مالك ، لأن هذا لم يأخذ الألفين على القراض ، إنما أخذها على شركة فاسدة ، فيحمل محمل الشركة الفاسدة . ولا يجتمع أيضا عند مالك شركة وقراض . وقال مالك : لا يصلح أن يقول : أقارضك بألف على أن تخرج من عندك ألف درهم أو أقل أو أكثر ، على أن تخلطها بألفي هذه نعمل بهما جميعا ، فكره مالك هذه . فهذا يدلك على أن مسألتك لا تكون مقارضة . قال ابن القاسم : لو أن رجلين اشتركا على أن أخرج أحدهما ربعا والآخر ثلاثة أرباع ، والعمل عليهما على قدر رءوس أموالهما ، فتطوع صاحب الربع فاشترى بجميع المال تجارة ، لم يكن له في عمله ذلك أجر

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية