الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( فرع ) قال في رسم القضاء من سماع أشهب من كتاب الشهادات وسئل مالك عن رجل شهد على رجل أنه حلف بطلاق امرأته في حق له عليه ليدفعنه إليه فحنث فقال : ما هو بجائز الشهادة عليه . قال ابن رشد : ليس إسقاط شهادته في هذا ببين وكان الأظهر أن تجوز شهادته عليه أنه قد حنث ; لأن وقوع الطلاق عليه لا يدعوه إلى أن يعجل حقه وإنما يدعوه بالطلاق ليقضينه إلى أجل مخافة أن يقع عليه الطلاق إن لم يقضه قبل الأجل لما كان لو شهد عليه بذلك قبل أن يحنث والحق عليه لم يدفعه لم تجز شهادته عليه لاتهامه أن يكون إنما شهد عليه ليعجل له القضاء ولا يحنث لم تجز شهادته عليه إذا شهد عليه أنه قد حنث لاحتمال أن يكون قد ادعى ذلك عليه قبل الحنث فأراد أن يحقق دعواه عليه قبل الحنث لشهادته عليه بعد الحنث وهو ضعيف انتهى والله أعلم .

                                                                                                                            ولم يذكر في ذلك خلافا وإنما ذكر ما ذكره على سبيل البحث .

                                                                                                                            وقد نقل في النوادر في كتاب الشهادات في أول الجزء الثاني من الشهادات في ترجمة شهادة الأجير والشريك والمقارض والغريم عن المجموعة في ذلك قولين ونصه من المجموعة عن ابن القاسم وإذا غرم الجميل ما تحمل به ثم قدم المطلوب فأنكر الحمالة فشهد الغريم على الحمالة فلا تجوز وكذلك من حلف لغريمه بالعتق ليقضينه إلى أجل فحنث فقام رقيقه فشهد لهم الطالب بالحنث فلا تجوز شهادته .

                                                                                                                            ورواه أشهب عن مالك فيه وفي العتبية وقال ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون إن شهادته تجوز قبض منه حقه أو لم يقبض ، إذ لا يجر بها إلى نفسه شيئا وقاله أصبغ انتهى وقال قبل هذا في ترجمة ما يلزم الرجل أن يشهد به مما علمه من الجزء الأول من الشهادات قال مالك فيمن سمع رجلا حنث في طلاق ولا يشهد عليه بذلك عليه غيره قال : فليرفعه إلى السلطان . وكذلك لو حنث بذلك في حق الشاهد عليه فليرفع ذلك حتى يكون السلطان ينظر في أمره يريد لا تجوز شهادته في حنثه في دينه عليه وقد ذكرها بعد هذا انتهى . وقد ذكر ابن بطال في مقنعه بلفظ لا تجوز شهادته في حنثه في دينه .

                                                                                                                            وانظر كلام ابن رشد في شرح المسألة الثامنة من رسم الطلاق الثاني من سماع أشهب من كتاب الأيمان بالطلاق من البيان وانظر كلام البرزلي في مسائل الأيمان في مسألة من حلف بالحلال عليه حرام لا أشتري منه غلة زيتون أبدا ثم اشتراها بعد سنين وشهد عليه البائع فإنه قال : الصواب أنه لا يحنث بشهادته ; لأنه يتهم أنه أراد فسخ صفقته .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية