الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 207 ] 438 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من سعادة المرء بالمسكن الواسع والجار الصالح والمركب الهني .

2772 - حدثنا الحسين بن نصر ، وفهد بن سليمان جميعا قالا : حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا سفيان ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن خميل ، عن نافع بن عبد الحارث قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من سعادة المرء المسكن الواسع والجار الصالح والمركب الهني .

[ ص: 208 ]

2773 - حدثنا الربيع بن سليمان المرادي ، قال : حدثنا أسد ، قال : حدثنا وكيع ، قال : حدثنا سفيان ، عن حبيب بن أبي ثابت ، قال : حدثني خميل ، ومعي مجاهد ، عن نافع بن عبد الحارث ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر مثله .

قال أبو جعفر : فتأملنا هذا الحديث طلب الوقوف على المراد به ، فوجدنا الجار مأمورا بإكرام جاره ، كما قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك .

2774 - حدثنا عبد الغني بن أبي عقيل اللخمي ، قال : أنبأنا سفيان بن عيينة ، عن عمرو ، عن نافع بن جبير ، عن أبي شريح الخزاعي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من كان يؤمن بالله عز وجل واليوم الآخر فليكرم ضيفه ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت .

[ ص: 209 ] قال سفيان : وزاد فيه ابن عجلان ، عن سعيد المقبري ، عن أبي شريح قال : جائزته يوم وليلة ، والضيافة ثلاث ، فما زاد على ذلك فهو صدقة على الضيف ، ولا يحل له أن يثوي عنده حتى يحرجه .

2775 - حدثنا أبو أمية ، قال : حدثنا روح بن عبادة ، عن زكريا بن إسحاق ، قال : حدثنا عمرو بن دينار ، عن نافع بن جبير بن مطعم ، عن أبي شريح الخزاعي ، وكانت له صحبة ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ، ثم ذكر مثله ، غير أنه لم يذكر ما ذكره سفيان فيه مما زاد ابن عجلان .

2776 - حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال : حدثنا أبي ، وشعيب بن الليث ، عن الليث بن سعد ، عن سعيد بن أبي سعيد ، [ ص: 210 ] عن أبي شريح العدوي أنه قال : سمعت أذناي ، وأبصرت عيناي حين تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم ذكر مثله ، غير أنه لم يذكر ما ذكره ابن عيينة مما زاده ابن عجلان .

2777 - حدثنا الربيع المرادي ، قال : حدثنا شعيب بن الليث ، ثم ذكر بإسناده مثله .

2778 - وحدثنا بحر بن نصر ، قال : وقرئ على شعيب بن الليث ، عن الليث ، ثم ذكر بإسناده مثله .

2779 - وحدثنا يونس بن عبد الأعلى ، قال : أنبأنا ابن وهب ، قال : أخبرني مالك ، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري ، عن أبي شريح الكعبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم ذكر مثله ، وزاد في الضيف : جائزته يوم وليلة ، والضيافة ثلاثة أيام ، فما كان بعد ذلك فهو صدقة ، ولا يحل له أن يقيم عنده حتى يحرجه .

[ ص: 211 ] قال مالك : جائزته أن يتحفه في اليوم والليلة بأفضل ما يجد ، وقال : يثوي : يقيم عنده .

2780 - حدثنا يونس ، قال : أنبأنا ابن وهب ، قال : أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه .

2781 - حدثنا فهد ، قال : حدثنا فروة بن أبي المغراء ، قال : حدثنا أبو الأحوص ، عن أبي حصين ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذي جاره ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليسكت .

[ ص: 212 ] قال : فكان فيما روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في إكرام الجار جاره ما قد ذكرنا ذلك فيه ، وما قد روي عنه فيه في أن لا يؤذيه ما قد وكد ذلك ، وإذا كان ذلك كذلك للجار على الجار ، كان توفيته إياه ذلك سعادة للموفى ، فهذا معنى ما روي في الجار في هذا الحديث .

وأما ما روي من سعة المنزل فليكن صاحب المنزل بذلك حامدا لله عز وجل ، وعارفا بنعمائه عليه ، وتفضيله إياه على غيره ، فيكون من الشكر له عز وجل على ما يكون عليه مثله في ذلك .

وأما ما فيه من المركب الهني ، فأن يكون ذلك برفع الشغل عن قلبه ويكون في ركوبه على أحد وجهين ؛ إما متشاغلا بذكر ربه - عز وجل - ، وإما غير مشغول القلب مما يؤذيه من مركبه وكل ذلك سعادة ، والله عز وجل نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية