الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              55 [ ص: 124 ] (باب في الإيمان بالله والاستقامة)

                                                                                                                              وقال النووي: «باب جامع أوصاف الإسلام» .

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 8-9 جـ2 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن سفيان بن عبد الله الثقفي ، قال: قلت: يا رسول الله ! قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدك، وفي حديث أبي أسامة غيرك قال: قل آمنت بالله فاستقم ].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              قال عياض: هذا من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم، وهو مطابق لقوله تعالى: إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا .

                                                                                                                              أي: وحدوا الله، وآمنوا به، ثم استقاموا، فلم يحيدوا عن التوحيد، والتزموا طاعته سبحانه إلى أن توفوا على ذلك. وعلى ما ذكرناه أكثر المفسرين من الصحابة فمن بعدهم.

                                                                                                                              وهو معنى الحديث إن شاء الله تعالى انتهى.

                                                                                                                              وقال ابن عباس في قوله تعالى فاستقم كما أمرت : ما نزلت [ ص: 125 ] على رسول الله صلى الله عليه وسلم في جميع القرآن آية كانت أشد ولا أشق عليه من هذه الآية، ولذلك قال لأصحابه حين قالوا: قد أسرع إليك الشيب: فقال شيبتني سورة هود وأخواتها.

                                                                                                                              قال الإمام القشيري في «رسالته» الاستقامة: درجة بها كمال الأمور وتمامها، وبوجودها حصول الخيرات ونظامها، ومن لم يكن مستقيما في حالته ضاع سعيه، وخاب جهده. قال: وقيل: الاستقامة، لا يطيقها إلا الأكابر. لأنها الخروج عن المعهودات، ومفارقة الرسوم والعادات، والقيام بين يدي الله تعالى على حقيقة الصدق.

                                                                                                                              ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: «استقيموا ولن تحصوا» ، وقال الواسطي: هي الخصلة التي بها كملت المحاسن، وبفقدها قبحت المحاسن، والله أعلم.

                                                                                                                              ولم يرو مسلم في صحيحه لسفيان الثقفي «راوي هذا الحديث» عن النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث.

                                                                                                                              ولم يروه البخاري، ولا روى له في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئا. وروى الترمذي هذا الحديث، وزاد فيه «قلت: يا رسول الله! ما أخوف ما أخاف علي؟ فأخذ بلسان نفسه، ثم قال: «هذا» .

                                                                                                                              وبالجملة فالاستقامة فوق الكرامة، ولا تتأتى إلا ممن اتبع الكتاب والسنة، والله أعلم.




                                                                                                                              الخدمات العلمية