الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (183) قوله تعالى : الذين قالوا : يجوز في محله الألقاب الثلاثة : فالجر من ثلاثة أوجه ، الأول : أنه صفة لـ "الذين " المخفوض بإضافة "قول " إليه . الثاني : أنه بدل منه . الثالث : أنه صفة لـ "العبيد " أي : ليس بظلام للعبيد الذين قالوا كيت وكيت ، قاله الزجاج . قال ابن عطية : "وهذا مفسد للمعنى والرصف " .

                                                                                                                                                                                                                                      والرفع : على القطع بإضمار مبتدأ أي : هم الذين . وكذلك النصب على القطع أيضا بإضمار فعل لائق أي "أذم الذين " .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 517 ] قوله : ألا نؤمن في "أن " وجهان ، أحدهما : أنها على حذف حرف الجر ، والأصل : في أن لا نؤمن ، وحينئذ يجيء فيها المذهبان المشهوران : أهي في محل جر أو نصب . والثاني : أنها مفعول بها على تضمين : "عهد " معنى ألزم ، تقول : "عهدت إليه كذا " أي : ألزمته إياه ، فهي على هذا في محل نصب فقط .

                                                                                                                                                                                                                                      و "أن " تكتب متصلة ومنفصلة اعتبارا بالأصل أو بالإدغام . ونقل أبو البقاء أن منهم من يحذفها في الخط اكتفاء بالتشديد . وحكى مكي عن المبرد أنها إن أدغمت بغنة كتبت متصلة وإلا فمنفصلة ، ونقل عن بعضهم أنها إن كانت مخففة كتبت منفصلة ، وإن كانت ناصبة كتبت متصلة ، والفرق أن المخففة معها ضمير مقدر ، فكأنه فاصل بينهما بخلاف الناصبة ، وقول أهل الخط في مثل هذا : "تكتب متصلة " عبارة عن حذفها في الخط بالكلية اعتبارا بلفظ الإدغام لا أنهم يكتبونها متصلة ، ويثبتون لها بعض صورتها فيكتبون : أنلا ، والدليل على ذلك أنهم لما قالوا في "أم من " و "أم ما " ونحوه بالاتصال إنما يعنون به كتابة حرف واحد فيكتبون : أمن وأما . وفهم أبو البقاء أن الاتصال في ذلك عبارة عن كتابتهم لها بعض صورتها ملصقة بـ "لا " ، والدليل على أنه فهم ذلك أنه قال : "ومنهم من يحذفها في الخط اكتفاء بالتشديد " فجعل الحذف قسيما للوصل والفصل ، ولا يقول أحد بهذا .

                                                                                                                                                                                                                                      وتعدى "نؤمن " باللام لتضمنه معنى الاعتراف ، وقد تقدم في أول البقرة .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 518 ] وقرأ عيسى بن عمر : "بقربان " بضمتين . قال ابن عطية : "إتباعا لضمة القاف ، وليس بلغة لأنه ليس في الكلام فعلان بضم الفاء والعين ، وحكى سيبويه : " السلطان "بضم اللام ، وقال : " إن ذلك على الإتباع " . قال الشيخ : ولم يقل سيبويه إن ذلك على الإتباع بل قال : " ولا نعلم في الكلام فعلان ولا فعلان ولكنه قد جاء فعلان وهو قليل ، قالوا : "السلطان " وهو اسم "قال الشارح لكلام سيبويه " صاحب هذه اللغة لا يسكن ولا يتبع "وكذا ذكر التصريفيون أنه بناء مستقل ، قالوا ولم يجئ فعلان إلا اسما وهو قليل نحو : " سلطان " . قلت : أما ابن عطية فمسلم أنه وهم في النقل عن سيبويه في "سلطان " خاصة ، ولكن قوله في "قربان " صحيح لأن أهل التصريف لم يستثنوا إلا السلطان .

                                                                                                                                                                                                                                      والقربان في الأصل مصدر ثم سمي به المفعول كالرهن فإنه في الأصل مصدر ولا حاجة إلى حذف مضاف . وزعم أبو البقاء أنه على حذف مضاف أي : بتقريب قربان ، قال : "أي يشرع لنا ذلك " . و "تأكله النار " صفة لقربان ، وإسناد الأكل إليها مجاز عبر عن إفنائها الأشياء بالأكل .

                                                                                                                                                                                                                                      و "من قبلي " و "بالبينات " كلاهما متعلق بـ "جاءكم " ، والباء تحتمل المعية والتعدية أي : مصاحبين للآيات .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية